و تلاحظ كثرة المجتهدين المنتسبين عند الشافعية، فهذا السيوطي في
القرن العاشر الهجري يدّعي الاجتهاد المطلق.
«و بعد أوائل القرن العاشر الهجري لم يبق سلطان غير سلطان التقليد، و
جاء زمان لم يبق من الاجتهاد إلا اسمه، و أصبح دعواه بل دعوى إمكان وجوده ذنبا لا
يغتفر، و اقتصرت وظيفة العلماء في اختصار الكتب و شرحها و التعليق عليها.
نعم ظهر علماء أمثال: الإمام الشوكاني و. ادّعوا الاجتهاد المطلق، أو
قيل: انّهم مجتهدون، لكن ظهور هؤلاء يشبه ظهور بعض النجوم في ليل مظلم، انقشع عنها
السحاب لمحة و أخفاها عن الأنظار ساعات طوالا».
و قد شكا بعض العلماء من زوال سلطان العلم و سيطرة الجهل على العقول[1].
الوثوق بالمؤلّفات:
كان الوثوق بالمؤلّفات يعتمد أسسا معينة، فالرواية المشهورة أقوى من
الرواية النادرة أو الرواية غير المقول بها.
و لذا ترى الحنفيّة يقدّمون ما في كتب ظاهر الرواية- كتب محمد
الستّة- على ما يخالفه ممّا جاء في كتب النوادر، لأنّ الرواية الأولى مشتهرة دون
الثانية.
و الشافعيّة يقدمون ما رواه الربيع المؤذن في (الأم) على ما رواه
الزعفراني عن الشافعي للسبب نفسه.
و المالكيّة يقدمون ما في مدّونة سحنون على ما روي في غيرها.
و قد عنى الفقهاء بالقواعد الفقهيّة و كان أكثر من عنى بالقواعد
فقهاء الحنفيّة فقد كانوا أسبق من غيرهم في وضع القواعد و الاحتجاج بها، و ذلك
لأنّ طبيعة فقههم و اتجاهم نحو الرأي و وجود الفقه الافتراضي بينهم و توسعهم في
[1]انظر:
فلسفة
التشريع الإسلامي للأستاذ صبحي محمصاني:
183، و الفكر السامي في
تاريخ الفقه الإسلامي للحجوي 4:
269، و الرسالة
الحميديّة للشيخ حسين بن محمد الطرابلسي: 245، و أعلام
الموقعين لابن القيم 2: 356، و الاجتهاد: 91.