responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين نویسنده : ابن الأنباري    جلد : 1  صفحه : 211

أنه إذا لم يكرر الظرف أنه يجوز فيه الرفع و النصب، فكذلك إذا كرر؛ لأن قصارى ما نقدر أن يكون مانعا تكرّر الظرف؛ لأن «في» الأولى تفيد ما تفيده الثانية، و هذا لا يصلح أن يكون مانعا، لأن الأولى و إن كانت تفيد ما تفيده الثانية إلا أن الثانية تذكر على سبيل التوكيد، و التوكيد شائع في كلام العرب مستعمل في لغتهم، و هذا لا خلاف فيه، و صار هذا كقولهم «فيك زيد راغب فيك» و لا شك أن «فيك» الأولى تفيد ما تفيده الثانية، و مع هذا لم يمتنع صحة المسألة، فكذلك هاهنا.

و أما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما احتجاجهم بقوله تعالى: وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها [هود: 108] و قوله تعالى: فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها [الحشر: 17] فلا حجّة لهم في هاتين الآيتين؛ إذ ليس فيهما ما يدل على أنه لا يجوز الرفع، و إنما فيهما دلالة على جواز النصب، و نحن نقول به.

و قولهم: «إنه لم يرو عن أحد من القراء بالرفع فوجب أنه لا يجوز» قلنا: لا نسلم؛ فإنه قد روي عن الأعمش أنه قرأ خالدون فيها بالرفع، على أن هذا الاستدلال [118] فاسد، و ذلك لأنه ليس من ضرورة أنه لم يقرأ به أحد من القراء أن لا يكون كلاما جائزا فصيحا. ألا ترى أنه لم يأت في كتاب اللّه عز و جل ترك عمل «ما» في المبتدأ و الخبر نحو «ما زيد قائم، و ما عمرو ذاهب» إلا فيما ليس بمشهور، و إن كانت لغة مشهورة معروفة صحيحة فصيحة و هي لغة بني تميم، ثم لم يدل ذلك على أنها ليست فصيحة مشهورة مستعملة؟ فكذلك هاهنا.

و أما قولهم «إنّا لو حملناه على الرفع لأدى ذلك إلى أن تبطل فائدة الثانية لنيابة الأولى عنها في الفائدة» قلنا: هذا فاسد؛ و ذلك لأنه و إن كانت الأولى تفيد ما تفيده الثانية إلا أن ذلك لا يدل على بطلان فائدة الثانية؛ لأن من مذاهب العرب أن يؤكد اللفظ بتكريره؛ فيقولون «لقيت زيدا زيدا، و ضربت عمرا عمرا» فيكون المكرر توكيدا للأول، و إن كان الأول قد وقعت به الفائدة، و قد قال اللّه تعالى:

وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ‌ [هود: 19] فهم الثانية تكرير للتوكيد، و التقدير: و هم بالآخرة كافرون، في أحد الوجهين، و مع هذا فلا يقال إنه لا يجوز، فكذلك ها هنا، و من تدبر سورة (الرحمن) و (قل يا أيها الكافرون) علم قطعا أن التكرير للتوكيد لا ينكر في كلامهم؛ لما فيه من الفائدة، و كثرة ذلك في كتاب اللّه تعالى و كلام العرب، و شهرته في استعمالهم، تغني عن الإسهاب و التطويل بالشواهد؛ إذ كان ذلك أكثر من أن يحصى، و أشهر من أن يظهر، و اللّه أعلم.

نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين نویسنده : ابن الأنباري    جلد : 1  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست