نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 136
حروف الخفض و لا تنتصب بحذفها، كقولك «كَفىبِاللَّهِ شَهِيداً*،وَ كَفى بِاللَّهِ نَصِيراً»و لو حذفت حرف الخفض لقلت: كفى اللّه
شهيدا، و كفى اللّه نصيرا، بالرفع، كما قال رجل من الأزد:
[96]
لمّا تعيّا
بالقلوص و رحلها
كفى اللّه
كعبا ما تعيّا به كعب
و قال عبد بني الحسحاس:
[97]
عميرة ودّع إن
تجهّزت غاديا
كفى الشّيب و
الإسلام للمرء ناهيا
[96] لم أعثر لهذا البيت
على نسبة إلى قائل معين، و لا عثرت له على سوابق أو لواحق، و تعيا- بوزن تقضى و
تزكى- و مثله تعايا- مثل تغاضى و تقاضى- و أعيا- مثل أهدى و أبقى- و تقول: أعيا
عليه الأمر، و تعيا، و تعايا؛ إذا بهظه و أثقله و أعجزه و القلوص- بفتح القاف-
الناقة، و محل الاستشهاد به قوله «كفىاللّه كعبا» فإن المؤلف قد زعم أن «كفى» في هذه
العبارة هي التي يقترن فاعلها بالباء الزائدة غالبا، و قد يجيء فاعلها غير مقترن
بالباء كما في هذا البيت و الذي يليه، و هو انتقال نظر من المؤلف، و بيان ذلك أن «كفى» على ثلاثة أضرب: الأول: أن يكون بمعنى حسب، و هذه قاصرة لا تتعدى و
هي التي يغلب اقتران فاعلها بالباء الزائدة، نحو قوله تعالى:كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً*و الثاني: أن تكون بمعنى و في فتتعدى
إلى اثنين، و لا يقترن فاعلها بالباء، نحو قول اللّه تعالى:وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ
الْقِتالَو نحو قوله
سبحانه:فَسَيَكْفِيكَهُمُ
اللَّهُو الثالث: أن
تكون بمعنى أجزأ و أغنى، فتتعدى إلى واحد و لا يقترن فاعلها بالباء الزائدة، نحو
قول الشاعر:
قليل منك
يكفيني، و لكن
قليلك لا يقال
له قليل
و أنت إذا تأملت أدنى تأمل تبين لك أن «كفى» في البيت الذي استشهد به المؤلف من الضرب الثاني الذي تكون فيه
بمعنى وفى و تتعدى إلى مفعولين، و هذه- كما قلنا لك- لا يقترن فاعلها بالباء
الزائدة لا في الغالب و لا في القليل، و سبحان الذي تنزه عن السهو و الغفلة، و
انظر- بعد ذلك- شرح الشاهد 102 الآتي.
[97] هذا البيت لسحيم عبد بني الحسحاس، و هو من شواهد ابن يعيش
(ص 1086 و 1148) و الأشموني (رقم 736 بتحقيقنا) و مغني اللبيب (رقم 153 بتحقيقنا)
و أوضح المسالك لابن هشام (رقم 379) و عميرة: اسم امرأة، و تجهزت: أي اتخذت جهاز
سفرك و أعددته و هيأته، و غاديا: اسم فاعل فعله غدا يغدو غدوا- مثل سما يسمو سموا-
و ذلك إذا سار في وقت الغداة، و الغداة- و مثلها الغدوة- الوقت من طلوع الفجر إلى
طلوع الشمس، و يروى في مكانه «غازيا» و قوله «كفىالشيب و الإسلام للمرء ناهيا» يروى أن
عمر بن الخطاب سمع هذا البيت فقال: لو قدمت الإسلام على الشيب لأجزتك، و الاستشهاد
بهذا البيت في قوله «كفىالشيب» حيث أسقط الباء من فاعل «كفى» التي هي فعل قاصر لا يتعدى إلى مفعول و تدل على معنى حسب، و سقوطها
في هذه العبارة يدل على أن الباء ليست واجبة في فاعل هذا الفعل، بخلاف اقتران
الباء بفاعل «أفعل» في التعجب نحو «أكرمبزيد، و أعظم به» فإنها لازمة لا يجوز سقوطها.
نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 136