responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 442

تبصرة

اعلم أيها السالك إلى الله تعالى و الراغب إلى نيل ملكوت ربه الأعلى، أن الأمور الجسمانية و الصور المادية، جعلها الله تعالى كلها مثالات دالات على الأمور الغيبية الأخروية، كما أنها أيضا مثالات دالات على الروحانيات العقلية التي هي عالم الجبروت و حضرة الربوبية و الأشعة الإلهية، و ذلك لأن العوالم متطابقة، و جميعها مظاهر و منازل لأسمائه تعالى باعتبار، و عين تلك الأسماء باعتبار آخر. فالأسماء على كثرتها التي لها- باعتبار تعدد معانيها و مفهوماتها، لا باعتبار حقيقتها و وجودها الذي هو أحدي محض بلا شوب كثرة- تنزلت أولا في عالم العقول المتحصلة و القواهر المفارقة و هي عالم الجبروت و عالم القدرة و القوة، ثم تنزلت إلى عالم الأشباح الروحانية و الصور المثالية، ثم إلى عالم المحسوسات و الماديات.

فكما أن النزول من المبدإ الأعلى على هذا المنوال، فكذلك الرجوع و الصعود إلى الحق تعالى يكون على عكس هذا المثال، فجعل طريق الحواس درجا و مراقي يرتقي بها إلى مشاهدة الأمور العقلية التي هي الغرض الأقصى في بلوغ النفس إليها بعد طي مراتب البدايات و الأوساط. فالبدايات هي عالم المحسوسات، و الأوساط عالم الآخرة التي فيه الجنة و النار الجسمانيتين.

و قد علمت مرارا أن سبب التعذب بالنار إنما يحصل من التلذذ بالحسيات.

فدخول النار هو نتيجة ارتكاب اللذات الدنياوية، كما أن دخول الجنة هو من نتائج الزهد في الدنيا و الورع من محارم الله.

و قوله تعالى:" وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى‌ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا" يؤيد ما ذكر، فكان كل واحد من الناس بواسطة وقوعه أولا في عالم المحسوسات، له استحقاق دخول النار لو لم يجبر هذه المعصية الفطرية التي هو الوجود الحسي بفعل الطاعات و كسب الحسنات.

فإن قيل: ما ذكرت ينافي معنى قوله" ص":" كل مولود يولد على الفطرة ..." الحديث:

قلنا: لا منافاة بينهما فإن هذه الفطرة، فطرة النفس الناطقة التي هي بحسب ذاتها من عالم التقدس و الطهارة.

نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 442
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست