نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 388
الأصل الخامس
أن الصور و المقادير و الأشكال و الهيئات كما يحصل من القابل بالجهات
القابلية على سبيل الاستعداد و الحركات و الانفعالات، كذلك قد يحصل من الجهات
الفاعلية و الحيثيات الإدراكية من غير مشاركة مادة عنصرية.
و وجود الأفلاك و الكواكب من المبادي الفعالة من هذا القبيل حيث وجدت
منها على سبيل الإبداع من محض تصورات المبادي كيفية وجودها بلا مشاركة المواد، إذ
لا مادة قبل وجودها. و من هذا القبيل الصور الخيالية الصادرة عن النفس بقوتها
الخيالية من الأشكال العظام و الأجسام التي هي أعظم من الأفلاك الكلية بكثير، و
البلاد العظيمة مع أشخاصها و الصحاري الواسعة و الجبال الشاهقة، فإنها ليست قائمة
بالجرم الدماغي، و لا موجودة في القوة الخيالية كما برهن عليه، و لا في عالم
المثال الكلي كما بيناه، بل في عالم النفس و صقع منها خارج عن أجسام هذا العالم
الهيولاني.
و لا شبهة في أن الصور التي يتصورها النفس بقوتها المصورة و يراها
بباصرة الخيالية، لها وجود لا في هذا العالم، و إلا لرآها كل سليم الحس الظاهري،
بل في عالم آخر غائب عن حواسنا الظاهرية و مشاعرنا المادية يسمى بعالم الغيب، كما
يسمى هذا العالم بعالم الشهادة، و هما جنسان متباينان بحسب الذات و الوضع جميعا
على الإطلاق، لا يمكن أن يقال لواحد منهما أين هو من الآخر، كما لا يمكن أن يقال
أين النفس من البدن و العقل من المادة و الباري من الكل، لأن كلا من المختلفين
حقيقة و ذاتا لا وضع له بالقياس إلى الآخر، و كما أن الصور المحسوسة موجودة في
عالمها حاضرة للقوى المدركة لها و من جنسها أيضا.
و لا فرق بين الصور التي يراها الإنسان بمشاعره الباطنة، و الصور
التي يدركها بالحواس الظاهرة إلا بعدم ثباتها و ضعف وجودها، حيث لا يترتب عليها
آثار حقيقتها و موجوديتها كما يترتب على هذه الحسيات. و ذلك لاشتغال النفس بما
يورده الحواس عليها من آثار هذا العالم، و لضعف الهمة، حتى لو فرض أين يرتفع عن
النفس الاشتغال بأفاعيل سائر القوى المحركة و المدركة و يزول عنها انفعالات الحواس
الظاهرة، و يكون قواها منحصرة في الخيال و التصور بكون الصور و الأجسام التي
يتصورها بقوتها الخيالية
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 388