نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 353
شدة النورية و ضعفها و قربها من نور الأنوار و بعدها منه، و أما على
طريقة المشائين، فغرائب إدراكات بعض الحيوانات و تحريكاتها إنما يكون بمعاونة قوى
فلكية و إلهامات سماوية، و يجوز أن يصدر من قوى جرمية بمناسبات مزاجية حركات
إدراكية، كحال الإبل و تلذذه بالسمعيات، و على تقدير أن يكون لها نفوس غير منطبعة
متوجهة نحو كمال ما، تكون كمالاتها لا بد و أن تكون عقلانية غير معلوم، فإن كثيرا
من الناس ليس لهم في النشأة الآخرة درجة عقلية، و لهم مع ذلك لذات و كمالات مثالية
و ابتهاجات ظنية هي الغاية القصوى من الكمال في حقهم، إذ لا شوق لهم إلى العقليات
و لا نصيب لهم من الملكوت الأعلى.
إنما المحال منع المستحق عما يستحقه و عن الكمال اللائق في حقه لا
الكمال المطلق و الخير المحض، إذ ربما لم يناسبه و لم يستعده و لا يشتاقه.
ثم على تسليم أن لها استعدادا نحو الكمال العقلي، فلا نسلم أن ذلك
يستدعي اجتيازها إلى الدرجة الإنسانية و تخطيها إياها، فإن الطرق إلى الله و إلى
صقع ملكوته لا ينحصر في واحد.
تقويم تحصيلي و تكميل تمثيلي
اعلم أن النفس الإنسانية حاملة للبدن لا البدن حامل لها كما ظن أكثر
الخلق حيث قرع أسماعهم أنها زبدة العناصر و صفوة الطبائع، و ظنوا أن النفس يحصل من
الجسم و أنها تقوى بقوة الغذاء و يضعف بضعفه، و ليس الأمر كما توهموه، إنما النفس
يحصل الجسم و يوجده و هي الذاهبة به في الجهات المختلفة و هي معه و مع قواه و
أعضائه تديره حيث ما دارت تذهب به حيث ما ذهبت من هبوط إلى سفل أو طلوع إلى فوق
حيث يمكنه مع كثافة البدن.
و أما الطلوع إلى السماء و عالم النور و الضياء و جنة"
هورقليا" فلا يمكنها أن يرتقي إلى هناك بهذه الطينة الكثيفة، بل يتصور الطلوع
إليها إذا تخلصت من هذه المظلمة الكثيفة، كما أن الطلوع إلى جنة المقربين و صقع
الكروبين مثل الأفلاطونيين، لا يتيسر لها إلا إذا انفصلت عن علوق الأجرام و
الأشكال و امتزاج الصور و الأمثال، و لها درجات
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 353