نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 351
إدراكية:
النشأة الأولى هي الحسية، و مظهرها الحواس الخمس الظاهرة، و يقال لها
الدنيا لدنوها و لتقدمها على الأخيرتين، و خيراتها و شرورها معلومة لا يحتاج إلى
البيان.
و النشأة الثانية هي المثالية، و مظهرها الحواس الباطنة، و يقال لها
الآخرة و العاقبة لما علمت بالمقايسة إلى الأولى"وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا
تَذَكَّرُونَ" و ينقسم إلى
الجنة و هي دار السعداء و الجحيم و هي دار الأشقياء و مبادي السعادات و الشقاوات
فيهما هي الأخلاق و الأوصاف الفاضلة و الرذيلة.
و النشأة الثالثة هي العقلية، و مظهرها القوة العاقلة من الإنسان إذا
صارت عقلا بالفعل، و هي لا يكون إلا خيرا محضا و نورا صرفا، فالنشأة الأولى دار
القوة و الاستعداد، و المزرعة لبذور النفوس و النيات، و الآخرتان المثالية و
العقلية كل منهما دار التمام و الفعلية و تحصيل الثمرات و حصد المزروعات، فلما لم
يكن النفس ذات قوة صرفة ساذجة من النقوش و الأوصاف و الملكات إلا في أول كونها و
مبدإ فطرتها قبل أن يخرج من فطرتها الأصلية إلى فعلية الآراء و الملكات و الأخلاق،
فلا يمكن أن يتكرر لها الهيولانية و القوة الساذجة بحسب فطرة ثانية و تكون آخر حين
تعلقها بمادة أخرى حيوانية، لأن عروض هذه الحالة الهيولانية لا يمكن إلا بانخلاعها
عن جملة الأوصاف و الملكات.
و هذا مع استحالته يناقض مذهبهم من أن انتقال النفوس إلى الأبدان
الحيوانية بواسطة ثبوت الأخلاق و الملكات الردية فيها.
و أما الحجة الخاصة بإبطال النقل في جهة الصعود
فهي، أن الحيوان الصامت إن لم يكن نفسه مجردة بل جرمانية، فيستحيل
عليها الانتقال من بدن إلى بدن، لكونها جوهرا ناعتيا، و إن كانت مجردة فمن أين
يحصل لها الكمال و الترقي إلى مرتبة الإنسانية، و ليست لها من الآلات و القوى إلا
ما هي مبادي الآثار الهيولانية و العلائق الأرضية من الشهوة و الانتقام اللذين هما
أصلان عظيمان للتجرم و الإخلاد إلى الأجساد، كيف و شيء منهما إذا غلب على الإنسان
الذي هو أشرف
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 351