نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 195
فيلاحظ من ذاته بذاته حقيقة الوجود و مراتبه و أحكامها و وجه نظام
الخير في الجميع، فيتبعه نظام الخير اتباعا يفتقر دركه إلى فطرة ثانية و قريحة
مستأنفة.
و هذا الذي ذكرناه أنموذج قليل مما ألهمنيه ربي و جعله قسطي من
الحكمة المضنون بها على غير أهلها، بعد ما كتبت أوائل هذا المختصر موافقا للطريقة
المشهورة.
و قد بسطنا الكلام في تحقيق هذا المذكور و ما يتفرع عليه من الأحكام
في المواضع اللائقة بها ليطلع عليه من وفق له، و الله ولي التوفيق و الإنعام.
فصل في مبدإ التدبير للكائنات الأرضية و الأمور النادرة
من الخسف و الزجر و الوباء العام و القتل العام و كثير من الأنواع
الغير المحفوظة من النبات و الحيوان، مما لا يمكن أن ينسب إلى عناية الحق الأول و
العقول الصريحة بالذات، بل بواسطة مدبر يفعل الأشياء بقصد جزئي و يتخيل الأمور و
ينفعل عنها، فيجيب الدعوات بإغاثة الملهوفين و ينتقم من الظلمة و يفعل العقوبات و
يعذب قوما حل عليهم غضب الجبار، كل ذلك بإذن من الحق الأول في إيجاده على سبيل
العناية.
فقال بعضهم: إنه نفس متعلقة بعالم الكون و الفساد. (منبثة في عالم
... خ ل).
و الأكثر على أنه نفس متولدة من العقول و النفوس السماوية، و خصوصا
نفس فلك الشمس و الفلك المائل، و أنه يدبر لما تحت فلك القمر بمعاضدة الأجرام
الكوكبية و بسطوع نور العقل الفعال و بالجملة، لا بد لهذا الجوهر المدبر أن يكون
وجوده وجودا نفسيا ذا قوة خيالية يتخيل و يحس بالحوادث إحساسا يليق، و يكون عقله
منفعلا من جهة و فعالا من جهة، بأن يكون كلما أحس بأمر حادث عقل صورة الكمال له و
المصلحة فيه و الطريقة المؤدية إليه.
و قد لزم من عقله لوجه الخير انفعال المادة العنصرية و اكتساءها في
الخارج بصورة ذلك المعقول، و لم يكن أيضا من المستبعد أن يهلك قوما غلب عليهم
العصيان و الكفر، و أن يحدث نارا أو زلزلة أو وباء إلى غير ذلك من الأمور الغير
المعتادة كتسخين بارد و تبريد
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 195