و أن عنده من المعنى الذي يعبر عن نظيره في حقنا باللذة و الغبطة و
الفرح و السرور بجمال ذاته و كمالها ما لا يدخل تحت وصف واصف.
و أن للملائكة المقربين الذين سيقام البرهان على وجودهم لهم من
الابتهاج و اللذة بمطالعة جمال الحضرة الربوبية ما يزيد على ابتهاجهم بكمال
أنفسهم.
و نبين هذا بعد تمهيد قواعد:
الأولى، أن يعرف معنى اللذة و الألم.
فاللذة عبارة عن إدراك الملائم. و الألم عبارة عن إدراك المنافر.
و لا ينبغي أن يظن أن كل واحد منهما عبارة عن صفة تتبع الإدراك
للملائم أو المنافر، بل الإدراك اسم عام، و هو منقسم إلى لذة و ألم و ما ليس
بأحدهما، فهو غير زائد على الأقسام.
و الثانية، أن يعرف أن ملائم كل قوة فعلها الذي هو مقتضى طبعها من
غير آفة و عائق.
فمقتضى القوة الغضبية الغلبة و طلب الانتقام و لذتها به.
و مقتضى طبع الشهوة الذوق. و مقتضى الخيال الوهم و الرجا، و به يلتذ.
و هكذا كل القوى.
الثالثة، أن الكامل يقوى فيه القوى الباطنة على القوى الظاهرة و
يستحقر لديه لذات القوى الحسية عند لذات القوى العقلية و الوهمية. و لذلك إذا خير
المرء بين الحلواء و الهريسة، و بين الاستيلاء على الأعداء و إدراك أسباب الرئاسة
و الغلبة، فإن كان المخير ساقط الهمة ميت القلب جامد القوى الباطنة، اختار الهريسة
و الحلواء.
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 148