نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 388
هو مذهب طائفة من الحكماء، كالمعلم الثاني و الشيخ الرئيس و
أتباعهما، و قد علمت أيضا إن كل صورة عقلية و لو تخصصت بألف تخصيص مخصص لا يمتنع
لذاتها الشركة فيها لأن مناط الجزئية كما حقق أما الإحساس، أو العلم الحضوري. و قد
عرفت مرارا من مسفوراتنا إن جزئية الشيء بنحو وجوده و الوجود لا يدرك إلا
بالمشاهدة، فيلزم عليهم أن لا يعلم الواجب تعالى الجزئيات بجزئيتها لا الكائنات
الفاسدة و لا الإبداعيات إلا بصورها الذهنية و لا ينكشف ذواتها عنده تعالى باعتبار
وجوداتها العينية و نفي هذا الشهود في غاية السخافة، فإن جميع الموجودات الكلية و
الجزئية فائضة عنه تعالى و هو مبدأ لكل وجود عقليا كان أو حسيّا، ذهنيا كان أو
عينيا. و فيضانها عنه تعالى لا ينفك عن انكشافها لديه كما مر ذكره.
فمن قال: إن الواجب تعالى لا يعلم الجزئيات إلا على وجه كلي، فقد بعد
عن الحق بعدا كثيرا و إن لم يلزم تكفيره كما زعمه بعضهم، فإنه ما نفى عنه تعالى
العلم بأمر من الأمور مطلقا، بل إنما نفى نحوا من أنحاء العلم الذي هو العلم
الحضوري و المشاهدة، و ليس هذا من ضروريات الدين المعلومة من الشرع ضرورة. و وصفه
تعالى بالسميع و البصير و إن كان من ضروريات الدين لكن يمكن تأويله بالعلم
بالمبصرات و المسموعات كما فعله جمع من أهل الكلام. و تقرير كونه تعالى عالما
بالجزئيات على الوجه الكلي هو إنك بعد ما علمت من الفصل السابق إن جميع الأشياء من
شأنها أن تكون مدركة للواجب تعالى، و إن ما يمكن له تعالى بالإمكان العام يجب
حصوله له و إلا لكان له حالة منتظرة. و علمت أيضا إن العلم التام بالعلة التامة
يوجب العلم بالمعلول. فالواجب تعالى لما كان ذاته سببا للأشياء الممكنة كليها و
جزئيها على ترتيبها و سبب لأسبابها و هويعلم ذاته و يعلم من ذاته أسبابها، فوجب أن يكون عالما بها لأن من
يعلم العلة وجب أن يعلم من العلة ما يلزم عنها لذاتها و إلا لما كان عالما بها
علما تاما،فوجب أن يكون
الواجب عالما بجميع الجزئيات و إلا لما كان علمه تعالى بالأشياء منحصرا عندهم
بالصور الحاصلة.
و الصور الحاصلة عن الشيء إما أن تستفاد من وجود ذلك الشيء، أو
يستفاد وجود ذلك الشيء منها أو لا هذا و لا ذاك، و الأول باطل في حقه تعالى
بالاتفاق لأن الجزئيات متغيرة. و إذا كان علمه تعالى مستفادا من وجودها لزم
الانفعال و التغير في ذاته تعالى كما أشار إليه بقوله،لكن لا يدركها مع تغيرها و إلا لكان يدرك منها تارة
نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 388