نام کتاب : الحاشية على الإلهيات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 132
كما هو رأي صاحب الإشراق تبعا للأقدمين من حكماء الفرس و الرواقيين
فلا يرد نقضا و لا إشكالا من جهة لزوم انطباع العظيم في الصغير و لا من لزوم اتصاف
النفس بما لا يمكن اتصافها به كالحرارة و العدد و الحركة و المقدار و الوضع و
الأين و غير ذلك و الحاصل أن هذه الصور لا يرد على من أثبت للمدركات الحسية و
الخيالية المدركة على الوجه الجزئي سوى هذا الوجود المادي المنفعل المستحيل الكائن
الفاسد وجودا آخر صوريا مجردا عن المادة فقد ذهب أفلاطن الإلهي و كثير من الحكماء
الكبار و المتألهين أولي الأيدي و الأبصار إلى أن لهذه الموجودات المادية وجودا في
عالم آخر متوسط بين العقليات المحضة و الماديات الصرفة إذ الموجودات العقلية و
المثل الإلهية مجردة عن المادة و توابعها من الأين و الكم و الوضع و اللون و الطعم
و الرائحة و أمثالها بالكلية و الموجودات المادية مغمورة في هذه الأعراض على وجه
الانتقال و التجدد و الاستحالة و الحدوث و الزوال و أما المثالية في ذلك العالم
فلها نحو تجرد حيث لا يدخل في جهة و لا ينحصر في مادة و لا فيها تضاد و لا تزاحم و
لا أيضا يحتاج وجودها إلى استعداد مادة بل يكفي إرادة الفاعل و إدراكه و وجودها
وجود إدراكي عين الحياة و الشعور و ستعلم منا أن وجودها متحد بوجود مدركها و لها
نحو تجسم و تقدر و تشكل و بالجملة لها من هذه الصفات كلها إلا أنها على وجه بسيط
كلها موجود بوجود واحد فلونها عين رائحتها و طعمها و شكلها لكن على وجه أعلى و
أرفع كما يعرفه أهل الذوق و خلاصة ما ذكره الشيخ المتأله شهاب الدين المقتول
لإثبات هذا الوجود أن الإبصار ليس بانطباع صورة المرئي في العين على ما هو رأي
المعلم الأول و لا بخروج الشعاع من العين إلى المرئي كما هو مذهب الرياضيين فليس
الإبصار إلا بمقابلة المستنير للعين السليمة فحينئذ يحصل للنفس علم إشراقي حضوري
على المرئي فيراه و كذلك صورة المرآة أيضا ليست في البصر لامتناع انطباع العظيم في
الصغير و ليست هي صورتك أو صورة ما رأيته بعينها كما ظن لأنه بطل كون الإبصار
بالشعاع فضلا عن كونه بانعكاسه و ليست أيضا منطبعة في المرآة و لا في جسم من
الأجسام و نسبة الجليد إلى المبصرات كنسبة المرآة إلى الصورة الظاهر منها و كما أن
صورة المرآة ليست فيها كذلك الصورة التي يدركها النفس بواسطتها ليست في الجليدية
بل يحدث عند المقابلة و ارتفاع الموانع من النفس إشراق حضوري فإن كانت له هوية في
الخارج فيراه و إن كان شبحا محضا فيحتاج إلى مظهر آخر كالمرآة فرأت تلك الأشياء التي
لا هوية لها في الخارج بواسطة المرآتين بالعلم الحضوري و بمثل ما امتنع به انطباع
الصورة في العين يمتنع انطباعها في موضع من الدماغ فإذن الصورة الخيالية لا يكون
موجودة في الأذهان و لا في المواد و الأعيان و لا في عالم المعقول لأنها مقدارية
لا عقلية فبالضرورة يكون في صقع آخر و هو عالم المثال و الخيال المنفصل لكونه غير
مادي تشبيها بالخيال المتصل و هذا مذهب الحكماء الأقدمين كأفلاطن و سقراط و
فيثاغورس و أنباذقلس و أغاثاديمون و هرمس و غيرهم من المتألهين و جميع السلاك من
الأمم المختلفين فإنهم قالوا العالم عالمان العالم العقلي المنقسم إلى عالم
الربوبية و عالم العقول و عالم الصور المنقسم إلى الصور الحسية و الصور الشبحية و
من هاهنا يعلم أن الصور الشبحية ليست مثل أفلاطن لأن هؤلاء العظماء كما يقولون
بهذه الصور يقولون بالمثل الأفلاطونية و هي نورية عظيمة ثابتة في عالم الأنوار
العقلية و هذه مثل معلقة في عالم الأشباح المجردة بعضها ظلمانية هي جهنم الأشقياء
و بعضها مستنيرة يتنعم بها السعداء من المتوسطين و أصحاب اليمين و أما السابقون
المقربون فهم يرتقون إلى الدرجة العليا عند الأنوار الإلهية و المثل الربانية
مكاشفة حكمية
اعلم أنا ممن نؤمن بوجود هذا العالم على الوجه الذي ذكر لكن المخالفة
بيننا و بين ما قرره صاحب الإشراق بوجوه إحداها أن الصور المتخيلة لنا موجودة في
صقع نفسنا و في عالمنا الخاص لا في عالم المثال الأعظم لبراءة ذلك العالم عن الصور
الجزافية الباطلة و أضغاث الأحلام و نحوها و ثانيها أن هذه الصور التي ندركها هي
من أفعال نفوسنا إلا أنها ثابتة من غير تأثير النفس و جعلها إذ مدار الإدراك على
العلاقة الوجودية كما يبرهن في مقامه و ثالثها أن القوة الخيالية عندنا جوهر مجرد
عن البدن و قواها و إن لم يكن جوهرا عقليا و هي عين النفس الحيوانية و عين الناطقة
قبل صيرورتها عقلا بالفعل و الصور الخيالية موجودة بتوجه النفس إليها باقية ببقاء
توجهها و التفاتها إليها عند استخدامها المتخيلة و النفس و قواها الإدراكية و
صورها الخيالية و الحسية كلها خارجة عن هذا العالم عالم الماديات و الأموات في صقع
إدراكي و ليس لهذه الماديات وجود على حضوري إذ كل جزء من أجزائها المقدارية
الوضعية غائب عن سائر الأجزاء و عن الكل و بالعكس فالكل غائب عن الكل و عن كل ما
له نسبة مكانية إليها و لهذا لا بد في إدراكها من أخذ صورة أخرى مجردة ضربا من
التجريد حتى يكون وسيلة إلى الشعور بما في الخارج و تلك الصورة هي المشعور بها
بالذات دون ما في الخارج إلا بالعرض و رابعها أن الإبصار عنده بإضافة النفس إلى ما
في الخارج عند المقابلة و تحقق الشرائط و قد علمت بطلانه بأن ما في الخارج لا حضور
نام کتاب : الحاشية على الإلهيات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 132