و تبيّن بما تقدّم أيضا:
أنّ المفهوم إنّما تكون ماهيّة إذا كان له فرد خارجيّ 123 يقوّمه 124 و تترتّب
عليه آثاره.
إلّا عن أصل وجود
الوجودات، لا عن حقيقتها. و لذا قال الحكيم السبزواري قدّس سرّه: «و كنهه في غاية
الخفاء».
قوله قدّس سرّه: «ليست
نسبة الماهيّة الكلّيّة إلى أفرادها الخارجيّة»
توضيح مرامه قدّس سرّه:
أنّ الأفراد هي الماهيّة نفسها اشترطت في كلّ فرد بخصوصيّات ذلك الفرد. فزيد
إنسان، و لكنّه إنسان مذكّر شابّ عالم عادل شجاع، مثلا. و هند أيضا إنسان، و
لكنّها إنسان مؤنث شيخ جاهل فاسق جبان، مثلا، و هكذا.
و بعبارة اخرى، فرد كلّ
شيء هو نفس ذلك الشيء و لكن بشرط شيء.
فالماهيّات ذوات أفراد إذ
هي لكونها لا بشرط تجتمع مع ألف شرط. فالماهيّة في الذهن هي نفس الماهيّة في
الخارج و لكن مع خصوصيات تجعلها بشرط شيء. فالماهيّة لها أفراد كما أنّها ذات
مصاديق كسائر المفاهيم.
و أمّا مفهوم الوجود فلمّا
كان في الذهن لا تترتّب عليه الآثار و هو في الخارج عين حيثيّة ترتّب الآثار، فليس
ما في الخارج هو نفس ما في الذهن، فلا يكون ما في الخارج فردا له، و إنّما هو
مصداق فقط. فتحصّل أنّ الماهيّة ذات فرد و مصداق و الوجود ليس له إلّا المصداق.
123- قوله قدّس سرّه: «أنّ
المفهوم إنّما تكون ماهيّة إذا كان له فرد خارجيّ»
و أقول: بل الملاك في كونه
ماهيّة إنّما هو كونه مقولا في جواب ما هو. و بعبارة اخرى: هو كونه مبيّنا لتمام
ذات الشيء و مميّزا له عن جميع ما عداه تمييزا ذاتيّا. و أمّا الفرد الخارجيّ فهو
كما يكون فردا للماهيّة يكون فردا للوجود أيضا. بل على قولهم باعتباريّة الماهيّة
هو فرد للوجود فقط.
و من ما ذكرنا يظهر أنّ ما
ذكره في هذا الفرع إنّما هو مبتن- لا شعوريّا- على أنّ الأصيل هي الماهيّة و أنّها
هي المفهوم الحقيقيّ، و أنّ الوجود الذهنيّ إنّما هو حضور ماهيّات الأشياء في
الذهن.
124- قوله قدّس سرّه:
«يقوّمه»
أي: يكون به قوام ذاته. و
هو ما ذكرنا من كون ذاته نفس ذلك المفهوم، و إنّما اكتنفته العوارض، فصار بشرط
شيء، بعد أن كان لا بشرط.