فلا يبقى للبحث الفلسفيّ
إلّا برهان الإنّ الذي يعتمد فيه على الملازمات العامّة 47، فيسلك فيه من أحد
المتلازمين العامّين إلى الآخر.
و قد فرض العلم بأنّه
موجود بالضرورة، هذا خلف.» انتهى.
و في معناه ما جاء في
رسالة البرهان من الرسائل السبع، ص 38.
أقول: و لا يخفى ما فيه من
الخلط بين مقامي الثبوت و الإثبات. فإنّ العلّة و إن كانت توجد قبل وجود المعلول،
إلّا أنّ العلم بها لا يجب أن يتحقّق قبل العلم بالمعلول، بل يمكن أن يتحقّق العلم
بالمعلول أوّلا، و عندئذ ينتقل الذهن إلى وجود العلّة لمكان عدم انفكاكها عنه.
كالعكس.
و له قدّس سرّه بيان آخر
لإثبات هذه الدعوى، سيأتي في الفصل الثالث عشر من المرحلة الحادية عشرة. و نشير
هناك إلى ما يرد عليه.
47- قوله قدّس سرّه:
«الملازمات العامّة»
و هي الامور التي لا تعدّد
في واقعها حتّى يعقل بينها تلازم خارجيّ و إنّما تعدّدها بتحليل من العقل و
تلازمها إنّما هو لوحدة مصداقها كالوجود و صفاته الحقيقيّة. حيث إنّ صفات الوجود
عينه في الخارج، فلا تعدّد في واقعها حتّى يمكن أن يصير بعضها علّة لبعض أو تكون
بأجمعها معلولة لشيء واحد؛ و تكثّرها و تعدّدها إنّما هو بحسب المفهوم فقط. فهي
لكونها منتزعة من مصداق واحد متلازمة، بمعنى أنّها لا تنفكّ في المصداق، و لذا
يمكن أن يستدلّ ببعضها على بعض. و ذلك كما يستدلّ بأصالة الوجود على أنّ العلّيّة
و المعلوليّة إنّما هي في الوجود دون الماهيّة. فيقال: العلّيّة و المعلوليّة
إنّما هما في الأصيل، و الأصيل هو الوجود، فالعلّيّة و المعلوليّة إنّما هما في
الوجود. فراجع الفصل الثامن من المرحلة الرابعة.
و قال قدّس سرّه في
تعليقته على الأسفار، ج 6، ص 29: «و جميع البراهين المستعملة في الفلسفة، و منها
القائمة على وجود الواجب، براهين إنّيّة، يسلك فيها من بعض لوازم الوجود، ككونه
حقيقة ثابتة بذاتها، إلى بعض آخر، ككونه واجبا لذاته.» انتهى.