لا ريب أنّ الماهيّة
الكثيرة الأفراد تصدق على كلّ واحد من أفرادها 1، و تحمل عليه؛ بمعنى أنّ الماهيّة
الّتي في الذهن، كلّما ورد فيه فرد من أفرادها، و عرض عليها، اتّحدت معه، و كانت
هي هو. 2 و هذه الخاصّة هي المسمّاة بالكلّيّة، و هي المراد باشتراك الأفراد في
الماهيّة. فالعقل لا يمتنع من تجويز صدق الماهيّة على كثيرين بالنظر إلى نفسها،
سواء كانت ذات أفراد كثيرين في الخارج، أم لا.
فالكلّيّة خاصّة ذهنيّة
تعرض الماهيّة في الذهن 3، إذ الوجود الخارجيّ العينيّ مساوق
1- قوله قدّس سرّه: «لا
ريب أنّ الماهيّة الكثيرة الأفراد تصدق على كلّ واحد من أفرادها»
يعني أنّه ضروريّ لا حاجة
فيه إلى الاستدلال، و ذلك لأنّه من الوجدانيّات. فإنّ المفهوم موجود في النفس، و
النفس تجد صدقه على أفراده في الذهن وجدانا.
2- قوله قدّس سرّه:
«بمعنى أنّ الماهيّة الّتي في الذهن، كلّما ورد فيه فرد من أفرادها، و عرض عليها، اتّحدت معه، و كانت هي هو»
لا بمعنى أنّ الماهيّة
مطلقا تصدق على أفرادها. فإنّ الماهيّة الخارجيّة هي عين أفرادها.
و لا بمعنى أنّ الكلّيّ، و
هو موجود في الذهن، ينطبق و يصدق على أفرادها العينيّة، و هي في الخارج، فإنّ ذلك
محال. لاستلزامه صيرورة الذهنيّ خارجيّا أو الخارجيّ ذهنيّا، و هو الانقلاب
المحال.
3- قوله قدّس سرّه:
«فالكلّيّة خاصّة ذهنيّة تعرض الماهيّة في الذهن»
فهي من المعقولات الثانية
المنطقيّة التي عروضها و اتّصافها إنّما يكونان في ظرف الذهن.