لا استقلال له دونها، لا
ينسلخ عن هذا الشأن، كما سيجيء بيانه 4 إن شاء اللّه؛ فحاله في الحاجة إلى العلّة
حدوثا و بقاء واحد، و الحاجة ملازمة له. 5
و الفرق بين الحجّتين 6:
أنّ الاولى تثبت المطلوب من طريق الإمكان الماهويّ، بمعنى استواء نسبة الماهيّة
إلى الوجود و العدم 7، و الثانية من طريق الإمكان الوجوديّ، بمعنى
4- قوله قدّس سرّه: «كما
سيجيء بيانه»
في الفصل الأوّل من
المرحلة الثامنة.
5- قوله قدّس سرّه: «و
الحاجة ملازمة له»
هذه الملازمة من نوع
الملازمات العامّة. فإنّ الحاجة صفة حقيقيّة لوجود المعلول، و قد مرّ في الفرع
الرابع من فروع أصالة الوجود أنّ صفات الوجود عينه. فالوجود و كلّ صفة من صفاته
متغايران مفهوما متّحدان مصداقا. و وحدة المصداق منشأ لتلازمهما.
6- قوله قدّس سرّه: «و
الفرق بين الحجّتين»
لا يخفى عليك: أنّه يرجع
في الحقيقة إلى فرقين:
الأوّل: أنّ الاولى تثبت
حاجة الممكن بالنظر إلى ماهيّته، و الثانية تثبتها بالنظر إلى وجوده.
الثاني: أن الوسط في
الاولى هو الإمكان الماهويّ، و في الثانيّة الإمكان الوجوديّ.
و سنشير إلى فرق أعظم
بينهما.
7- قوله قدّس سرّه:
«الاولى تثبت المطلوب من طريق الإمكان الماهويّ، بمعنى استواء نسبة الماهيّة إلى الوجود و العدم»
و لمّا كان الإمكان
الماهويّ من عوارض الماهيّة من حيث هي، و الماهيّة من حيث هي اعتباريّة- لأنّ
الماهيّة بحسب الواقع إمّا موجودة و إمّا معدومة. و إنّما العقل يعتبرها من حيث هي
و يقطع النظر عن الوجود و العدم، فتصير بذلك خلوا من الوجود و العدم كليهما،
فتتّصف بذلك بالإمكان- فالإمكان الماهويّ أمر اعتباريّ كما صرّح به المصنّف قدّس
سرّه في الفصل السابع من المرحلة الرابعة من بداية الحكمة حيث قال: «أمّا أنّه
[الإمكان] اعتبار عقليّ، فلأنّه يلحق الماهيّة المأخوذة عقلا مع قطع النظر عن
الوجود و العدم، و الماهيّة المأخوذة كذلك اعتباريّة بلا ريب، فما يلحق بها بهذا
الاعتبار كذلك بلا ريب.» انتهى. و يترتّب على ذلك أن الحاجة المسبّبة عنه أيضا
اعتباريّة، فالحجّة الاولى إنّما تثبت حاجة اعتباريّة. بينما الثانية تثبت حاجة حقيقيّة.
لأنّ الإمكان الفقريّ عين وجود المعلول فهو أمر حقيقيّ، و يوجب حاجة وجود المعلول
الّتي هي أيضا عين وجوده.