الفصل الخامس الشيء ما
لم يجب لم يوجد 1، و فيه بطلان القول بالأولويّة
قد تقدّم أنّ الماهيّة
في مرتبة ذاتها ليست إلّا هي 2، لا موجودة و لا معدومة و لا أيّ شيء
1- قوله قدّس سرّه:
«الشيء ما لم يجب لم يوجد»
لا يخفى عليك: أنّ المراد
بالشيء في موضوع هذه القاعدة هو الممكن فهذا الفصل كالفصلين اللاحقين له يبحث فيه
عن أحكام الممكن و خواصّه.
2- قوله قدّس سرّه: «قد
تقدّم أنّ الماهيّة في مرتبة ذاتها ليست إلّا هي»
لا يخفى عليك: أنّه لا
موقع ههنا للاستناد إلى هذه القاعدة لأنّ الكلام هنا في اتّصاف الماهيّة بالوجود
أو العدم في الخارج و إن كان كلّ من الوجود أو العدم خارجا عن ذات الماهيّة و
ذاتيّاتها. و معنى قولنا: «الماهيّة من حيث هي ليست إلّا هي» أنّها لم يؤخذ في
حدّها غير ذاتها و مقوّماتها. و لا ينافي ذلك كونها بنفسها معدومة في الخارج بعدم
زائد على ذاتها. فالماهيّة من حيث هي معدومة و إن لم يكن العدم مأخوذا في حدّها
فهو نظير ما مرّ في الفصل الأوّل من هذه المرحلة من أنّ فرض الماهيّة من حيث هي
يكفي في اتّصافها بالإمكان و إن لم يكن الإمكان مأخوذا في حدّها. قال قدّس سرّه في
الفصل الثاني من المرحلة الاولى: «فالماهيّة و إن كانت إذا اعتبرها العقل من حيث
هي لم تكن إلّا هي لا موجودة و لا لا معدومة، لكنّ ارتفاع الوجود عنها بحسب هذا
الاعتبار- و معناه أنّ الوجود غير مأخوذ في حدّها- لا ينافي حمله عليها خارجا عن
حدّها عارضا لها.» انتهى. و قال قدّس سرّه في الفصل الثالث من المرحلة التاسعة من
بداية الحكمة:
«الماهيّة و إن كانت
خالية عن الوجود و العدم، مفتقرة في تلبّسها بأحدهما إلى مرجّح، لكن عدم مرجّح
الوجود و علّته كاف في كونها معدومة. و بعبارة اخرى: خلوّها في حدّ ذاتها عن
الوجود و العدم و سلبهما عنها إنّما هو بحسب الحمل الأوّليّ، و هو لا ينافي
اتّصافها بالعدم حينئذ بالحمل الشائع.» انتهى.