لم يكن ذات الموضوع علّة
لثبوت المحمول، كقولنا: كلّ إنسان إنسان بالضرورة؛ أو حيوان أو ناطق بالضرورة،
فإنّ ضرورة ثبوت الشيء لنفسه 47، بمعنى عدم الانفكاك حال الوجود 48، من دون أن
يكون الذات علّة لنفسه.
و منها ضرورة وصفيّة، و
هي ضرورة ثبوت المحمول للموضوع بوصفه 49 مع الوجود، لا بالوجود 50، كقولنا: كلّ
كاتب متحرّك الأصابع بالضرورة ما دام كاتبا. 51 و قد تقدّمت إشارة إليها. 52
عدّ ثبوت الجنس أو الفصل
للنوع من ثبوت الشيء لنفسه، إنّما يستقيم على ما تبنّاه، من أنّ الحمل بين كلّ من
الجنس و الفصل و بين النوع حمل أوّليّ، كما سيأتي في الفصل الخامس من المرحلة
الخامسة. و أمّا على المشهور، من كون الحمل بينهما حملا شائعا، فليس من ثبوت
الشيء لنفسه، كما لا يخفى.
48- قوله قدّس سرّه:
«بمعنى عدم الانفكاك حال الوجود»
أي: ضرورة ثبوت المحمول
للموضوع حالكونه مع وصفه. و قد مرّ توضيحه في بعض تعاليقنا على التنبيه الأوّل من
تنبيهات الفصل الأوّل. فراجع.
50- قوله قدّس سرّه: «مع
الوجود لا بالوجود»
يعني أنّ المحمول هنا أيضا
إنّما يثبت للموضوع المتّصف بالوصف في حالكونه موجودا، فالوجود محتاج إليه هنا
أيضا لثبوت الموضوع. و إن لم يحتج إليه في ثبوت المحمول للموضوع، لا على نحو
الحيثيّة التقييديّة و لا التعليليّة و لا على نحو الواسطة في العروض، على قياس ما
مرّ في الضرورة الذاتيّة.
فالضروريّة الوصفيّة تحتاج
إلى أمرين: وجود الموضوع و اتّصافه بوصفه.