و لا إمكان بالقياس بين
موجودين، لأنّ الشيء المقيس إمّا واجب بالذات مقيس إلى ممكن، أو بالعكس، و بينهما
علّيّة و معلوليّة 22؛ و إمّا ممكن مقيس إلى ممكن آخر، و هما ينتهيان إلى الواجب
بالذات. 23
نعم: للواجب بالذات
إمكان بالقياس إذا قيس إلى واجب آخر مفروض، أو إلى معلولاته من خلقه 24، حيث ليس
بينهما علّيّة و معلوليّة 25، و لا هما معلولان لواحد ثالث.
المقيس، و لا المقيس علّة
تامّة لنقيض المقيس إليه، و لا يكون المقيس و نقيض المقيس إليه معلولين لعلّة
واحدة.
22- قوله قدّس سرّه:
«لأن الشيء المقيس إمّا واجب بالذات مقيس إلى ممكن أو بالعكس و بينهما علّيّة و معلوليّة»
لا يخفى: أنّ ما ذكره قدّس
سرّه إنّما يتمّ في الممكن الذي يكون الواجب علّة تامّة له. فإنّ الوجوب بالقياس
إنّما هو للمعلول بالنسبة إلى علّته التامّة. و أمّا بالنسبة إلى علّته الناقصة
فله الإمكان بالقياس. فإذا كان الواجب علّة ناقصة لممكن كان للممكن إمكان بالقياس
بالنسبة إلى الواجب.
و إن كان الواجب واجبا
بالقياس إليه- لأنّ وجود العلّة الناقصة كالتامّة ضروريّ عند وجود المعلول- قال
المصنّف قدّس سرّه في الفصل العاشر من المرحلة الثامنة:
«نسبة العلّة الفاعليّة-
بما أنّها إحدى العلل الأربع- إلى الفعل، ليست نسبة الوجوب؛ إذ مجرّد فرض وجود
العلّة الفاعليّة لا يستوجب وجود المعلول ما لم ينضمّ إليها سائر العلل؛ اللّهمّ
إلّا أن يكون الفاعل علّة تامّة وحدها. و مجرّد فرض الفاعل تامّ الفاعليّة- و المراد
به كونه فاعلا بالفعل، بانضمام بقيّة العلل إليه- لا يوجب تغيّر نسبته في نفسه إلى
الفعل من الإمكان إلى الوجوب.» انتهى.
23- قوله قدّس سرّه: «و
إمّا ممكن مقيس إلى ممكن آخر و هما ينتهيان إلى الواجب بالذات»
ما ذكره هنا أيضا إنّما
يتمّ فيما كان الواجب تعالى علّة تامّة لكلّ من الممكنين و أمّا إذا كان علّة
ناقصة لأحدهما أو لكلّ منهما فلمّا كانت النسبة بين أحدهما أو كليهما و بين الواجب
هو الإمكان، كان نسبة كلّ منهما إلى الآخر أيضا هو الإمكان.
24- قوله قدّس سرّه: «أو
إلى معلولاته من خلقه»
و كذا معلول أحد الواجبين
المفروضين بالقياس إلى معلول الواجب الآخر.
25- قوله قدّس سرّه:
«حيث ليس بينهما علّيّة و معلوليّة»