بوجود المستعدّ له؛
بخلاف الإمكان الخاصّ الذي هو معنى عقليّ 67، لا يتّصف بشدّة و ضعف و لا قرب و
بعد، و موضوعه الماهيّة من حيث هي، لا يفارق الماهيّة موجودة كانت أو معدومة 68.
و ربما اطلق الإمكان و
اريد به كون الشيء بحيث لا يلزم من فرض وقوعه محال 69، و يسمّى الإمكان الوقوعيّ.
و ربما اطلق الإمكان 70
و اريد به ما للوجود المعلوليّ من التعلّق و التقوّم بالوجود العلّيّ
قال المصنّف قدّس سرّه في
الفصل الأوّل من المرحلة العاشرة من بداية الحكمة: «فالنطفة التي فيها إمكان أن
يصير إنسانا أقرب إلى الإنسانيّة من الغذاء الذي يتبدّل نطفة. و الإمكان فيها أشدّ
منه فيه.» انتهى.
67- قوله قدّس سرّه:
«الإمكان الخاصّ الذي هو معنى عقليّ»
حيث إنّه أمر عدميّ يعتبر
العقل له ثبوتا،- حيث إنّ العقل يعتبر اللا واقعيّة واقعيّة للعدم- و يصف به
الماهيّة. و بما ذكرنا ظهر أنّ المراد بالمعنى هنا هو الأمر القائم بالغير، أعني
الوصف.
68- قوله قدّس سرّه: «لا
يفارق الماهيّة موجودة كانت أو معدومة»
أي: الماهيّة من حيث هي،
فهي و إن كانت موجودة أو معدومة لكنّها إنّما تتّصف بالإمكان مع قطع النظر عن
وجودها أو عدمها، و إلّا فهي واجبة أو ممتنعة.
69- قوله قدّس سرّه: «كون
الشيء بحيث لا يلزم من فرض وقوعه محال»
أي: ليس ممتنعا بالذات أو
بالغير. كما في الفصل السادس من المرحلة الرابعة من بداية الحكمة.
و على هذا فالنسبة بين
الإمكان الوقوعيّ و الإمكان الخاصّ، عموم و خصوص من وجه، يجتمعان في الإنسان مثلا،
و يفترقان في الواجب و عدم العقل الأوّل مثلا.
نعم! النسبة بين الإمكان
العامّ و الإمكان الوقوعيّ عموم و خصوص مطلقا.
و يبدو أنّ الإمكان
الذاتيّ حينما يطلق في مقابل الإمكان الوقوعيّ يراد به الإمكان العامّ المساوق
لعدم الامتناع الذاتيّ. فللإمكان الذاتيّ معنيان الأوّل: الإمكان الخاصّ، و هو
المراد من الإمكان الذاتيّ في الحكمة. الثاني: الإمكان العامّ، و هو الشائع
استعماله في سائر العلوم في قبال الإمكان الوقوعيّ.