و قد تبيّن ممّا تقدّم
أنّ الإمكان معنى واحد مشترك 48، كمفهوم الوجود.
تنبيه: [أقسام الضرورة]
تنقسم الضرورة إلى ضرورة
أزليّة 49، و هي كون المحمول ضروريّا للموضوع لذاته، من دون أيّ قيد و شرط حتّى
الوجود؛ و تختصّ بما إذا كان ذات الموضوع وجودا قائما بنفسه 50،
وجود موصوفاتها، ثمّ لعدم
اتّصافها بكمالات هي مقابلات هذه الأوصاف يعتبر العقل عدم اتّصافها هذا وصفا لها،
و هذا معنى كون الاتّصاف بها في الخارج.
48- قوله قدّس سرّه:
«أنّ الإمكان معنى واحد مشترك»
يعني: أنّ الإمكان الذاتيّ
و هو الذي يكون قسيما للوجوب و الامتناع معنى واحد. فالإمكان في قولنا «الإنسان
ممكن» و «الملك ممكن» و «الأرض ممكنة» و غيرها بمعنى واحد كما أنّ الوجود المحمول
على الموضوعات المختلفة له معنى واحد.
و هذا لا ينافي اشتراك
الإمكان لفظا بين معان مختلفة- سبعة أو أكثر- يأتي ذكرها في التنبيه الثاني.
49- قوله قدّس سرّه:
«تنقسم الضرورة إلى ضرورة أزليّة»
سيأتي هذا التقسيم بعينه
مع زيادة في الضرورة الذاتيّة في آخر الفصل الثالث.
قوله قدّس سرّه: «تنقسم
الضرورة»
لا يخفى عليك أوّلا: أنّ
المقسم- كما ينادي بذلك تعبير المصنّف قدّس سرّه- هي الضرورة، أعني المعنى الذي قد
مرّ في صدر الفصل أنّه من المعاني البيّنة التي ترتسم في النفس ارتساما أوّليّا.
و واضح أنّ ذلك المعنى
أعمّ من الوجوب المصطلح، إذ الوجوب المصطلح قسم من الضرورة الأزليّة، و هي الضرورة
الأزليّة التي يكون المحمول فيها الوجود.
و ثانيا: أنّ كلّا من
الأقسام مصطلح خاصّ مباين لغيره. و اشتراك الضرورة بمعناها اللغويّ بين جميع
الأقسام لا ينافي كون كلّ منها مصطلحا خاصّا.
و ثالثا: أنّ الضرورة في
الاصطلاح مشترك لفظيّ بينما الضرورة بالمعنى اللغويّ مشترك معنويّ بين جميع
المعاني المصطلحة التي هي أقسامها.
50- قوله قدّس سرّه: «و
تختصّ بما إذا كان ذات الموضوع وجودا قائما بنفسه»
لا ماهيّة و لا وجودا
معلولا فاحترز بقوله «وجودا» عن الماهيّة و بقوله «قائما بنفسه» عن الوجود
المعلول. فإنّ الماهيّة إنّما يجب له الوجود بحيثيّتين تقييديّة و تعليليّة فإنّها
إذا كانت