الفصل الأوّل [في أنّ
كلّ مفهوم إمّا واجب و إمّا ممكن و إمّا ممتنع]
كلّ مفهوم فرضناه ثمّ
نسبنا إليه الوجود 1، فإمّا أنّ يكون الوجود ضروريّ الثبوت له،
1- قوله قدّس سرّه: «كلّ
مفهوم فرضناه ثمّ نسبناه إليه الوجود»
مقسم الموادّ الثلاث هو
الشيء أعمّ من أن يكون شيئا حقيقيّا أو اعتباريّا.
و لذا عرّفوا الواجب بما
يجب وجوده و الممتنع بما يجب عدمه و الممكن بما لا يجب وجوده و لا عدمه.
و ما ورد في كلماتهم من
أنّ المفهوم ينقسم إلى واجب و ممكن و ممتنع يمكن أن يراد بالمفهوم فيه المفهوم
بالعرض، فينطبق على الأوّل.
توضيح ذلك: أنّ مرادهم من
المفهوم ليس هو المفهوم بالحمل الأوّليّ، لأنّه ممكن فقط لكونه علما و كمالا
للنفس، و كمال النفس يزيد عليها في الإمكان.
و إذا كان مرادهم من
المفهوم المفهوم بالحمل الشائع، أمكن أن يراد ما هو المفهوم بالذات كمفهوم الموجود
المطلق و مفهوم الإنسان و مفهوم اجتماع النقيضين مثلا و أمكن أن يراد ما هو
المفهوم بالعرض كحقيقة الموجود المطلق و طبيعة الإنسان و ما هو اجتماع النقيضين
بالحمل الشائع.
فاذا اريد المعنى الثاني
كان المقسم في الحقيقة هو الشيء بالمعنى الأعمّ. و انطبق على الأوّل. و ارادة هذا
المعنى هو المتعيّن لما نرى في كلمات مصنّف قدّس سرّه واحد من جعل المفهوم مقسما
تارة و الشيء مقسما تارة اخرى. و أيضا يظهر من مطاوى كلماتهم أنّ مرادهم تقسيم
الموجود إلى الواجب و الممكن، و هو المناسب لكون البحث بحثا فلسفيّا.
نعم! يمكننا أن نجعل
المقسم المعنى الأوّل. و عليه فيكون معنى قولنا: الإنسان ممكن، أنّ مفهوم الإنسان-
و هو الإنسان بالحمل الأوّليّ- يمكن أن يوجد في الخارج بمعنى أنّ هذا