المعروف من مذهب الحكماء
أنّ لهذه الماهيّات الموجودة في الخارج، المترتّبة عليها آثارها 1،
1- قوله قدّس سرّه: «أنّ
لهذه الماهيّات الموجودة في الخارج، المترتّبة عليها آثارها»
لا يخفى عليك: أنّ
كلماته في هذه المرحلة تدور على محور أصالة الماهيّة، حيث اعتبر الماهيّات موجودة
في الخارج ذوات آثار، و اعتبر حصول ماهيّات الأشياء في الذهن علما بها، و حصر
الوجود الذهنيّ في حصول ماهيّات الأشياء في الذهن، و نفى الوجود الذهنيّ عن
الوجود.
و شيء من هذه الامور لا
يستقيم على القول بأصالة الوجود؛ فإنّ عليها لا تكون الماهيّات موجودة في الخارج
تترتّب عليها آثارها، و يكون عدّ حصول الماهيّات في الذهن علما بها من السفسطة،
فإنّ الماهيّات امور تعتبرها الذهن و لا وجود لها في الخارج، و الواقع الخارجيّ لا
يكون شيئا غير الوجود، فما في الذهن لا واقع خارجيّ له، و ما في الخارج لم يحصل في
الذهن.
و بما ذكرنا يظهر أنّه
على القول باعتباريّة الماهيّة لا يبقى موقع لدعوى علم بالأشياء، إلّا بأصل
وجودها، حيث إنّ ما به يمتاز الأشياء بعضها عن بعض- و هي الماهيّات- ليست إلّا
اعتبارات للذهن. و لا واقع لها في الخارج.
و أمّا على ما ذهبنا
إليه، من تحقّق الوجود و الماهيّة كليهما، فالوجود الذهنيّ عبارة عن المفهوم
الحاصل في الذهن، الذي يكون حاكيا بالذات لما وراءه؛ سواء كان مفهوما ماهويّا أم
غيره. و يشهد له الوجدان؛ فإنّ المفهوم من حيث إنّه مفهوم شأنه الحكاية، و لا فرق
في ذلك بين أنواع المفاهيم، فمفهوم الوجود يحكي زيدا مثلا بما أنّه عين خارجيّ، و
مفهوم الإنسان يحكيه بما أنّه جوهر ذو أبعاد نام حسّاس متحرّك بالإرادة ناطق، و
مفهوم العالم يحكيه بما أنّه ذو كمال خاصّ، و هكذا كلّ ما يصدق عليه من المفاهيم.
و مصداق جميع هذه المفاهيم واحد هو وجود زيد الخارجيّ. فكلّ مفهوم يحكي ما في
الخارج على قدر ما يكون مفهوما عنه. و الآثار إنّما