منّا 2، كما أنّا نفعل
فيها أو ننفعل منها. 3 هناك هواء نستنشقه 4، و غذاء نتغذّى به، و مساكن نسكنها، و
أرض نتقلّب عليها 5، و شمس نستضيء بضيائها، و كواكب نهتدي بها، و حيوان،
2- قوله قدّس سرّه:
«ربما فعلت فينا أو انفعلت منّا»
لعلّه تلويح إلى وجه علمنا
بوجود ما وراءنا. و خاصله: أنّا نجد فعلنا أو انفعالنا عمّا وراءنا، و يستحيل
الفعل أو الانفعال عمّا ليس بموجود، فهناك أشياء موجودة غيرنا.
ثمّ لا يخفى عليك: أنّه لا
يضرّ ذلك كون علمنا بوجود العالم الخارجيّ بديهيّا، لأنّه و إن كان علما حاصلا
بوسط، إلّا أنّه من قبيل الفطريّات الّتي لا تغيب قياساتها عن الذهن حتّى تكون
محتاجة إلى كسب و نظر.
و لا يضرّه أيضا ما لعلماء
الطبيعة اليوم من التشكيك في كون الكيفيّات المحسوسة موجودة في الخارج على ما هي
عليه في الحسّ، و ذلك لأنّ علمنا بوجود العالم الخارجيّ ليس من المحسوسات، بل
مستفاد من علمنا الحضوريّ بانفعالنا عن ما وراءنا. فسواء كان إدراكنا الحسّيّ خطأ
أم لا، فنفس الإدراك و هو انفعالنا أمر وجدانيّ لا مجال لإنكاره أو الشكّ فيه. و
لمّا كان الانفعال عن العدم مستحيلا فنحن نتيقّن بوجود ما وراءنا. فهو نظير ما إذا
سمعت خبرا من مخبر، حيث تتيقّن بوجود المخبر و إن كان خبره مشكوكا فيه بل مقطوع
الكذب.
3- قوله قدّس سرّه: «كما
أنّا نفعل فيها أو ننفعل منها»
قال شيخنا المحقّق في
التعليقة: «مستدرك».
و وجهه: أن الفعل و
الانفعال حقيقتهما واحدة، و إنّما يختلفان باعتبار النسبة إلى الفاعل أو القابل،
فقوله: «ربما فعلت فينا أو انفعلت منّا» يدلّ على انفعالنا منها و فعلنا فيها.
4- قوله قدّس سرّه:
«هواء نستنشقه»
استنشق الماء و غيره: جذب
منه بالنفس في أنفه. كذا في المعجم الوسيط.
5- قوله قدّس سرّه: «و
أرض نتقلّب عليها»
قال الراغب في المفردات:
«التقلّب: التصرّف.» قال تعالى: «وَ تَقَلُّبَكَ فِي
السَّاجِدِينَ». و قال:
«أو يأخذهم في تقلّبهم
فما هم بمعجزين».
و في المعجم الوسيط:
«تقلّب في الامور: تصرّف فيها كيف شاء. و- في البلاد: تنقّل».
و زاد في أقرب الموارد:
«تقلّب على فراشه: تحوّل من جانب إلى جانب» و هذا المعنى الأخير هو المراد هاهنا،
و ذلك لأنّه تعدّى بعلى.