الفصل الأوّل [في انقسام
الوجود إلى المستقلّ و الرابط]
ينقسم الموجود إلى: ما
وجوده في نفسه 1، و نسمّيه الوجود المستقلّ و المحموليّ أو النفسيّ؛ و: ما وجوده
في غيره، و نسمّيه الوجود الرابط.
و ذلك أنّ هناك قضايا
خارجيّة تنطبق بموضوعاتها و محمولاتها على الخارج 2، كقولنا:
1- قوله قدّس سرّه: «ما
وجوده في نفسه»
مراده قدّس سرّه بالوجود
في نفسه، هو ما يطرد العدم عن ماهيّته أو عن مفهومه المستقل- كما سيصرّح قدّس سرّه
به في الفصل الثالث- سواء كانت تلك الماهيّة جوهرا، أم عرضا؛ أي سواء كان هذا
الوجود وجودا في موضوع، و هو العرض، أم وجودا لا في موضوع، و هو الجوهر. و على هذا
فتسمية الوجود في نفسه بالوجود المستقلّ اصطلاح فلسفيّ. فلا تغفل.
و مقابل الوجود في نفسه،
هو الوجود الرابط الذي ليس له ماهيّة و لا مفهوم مستقلّ حتّى يطرد العدم عنه.
2- قوله قدّس سرّه: «و
ذلك أنّ هناك قضايا خارجيّة تنطبق بموضوعاتها و محمولاتها على الخارج»
حاصل مرامه قدّس سرّه:
أنّه يوجد بحكم الوجدان في القضيّة الخارجيّة الصادقة، وراء الموضوع و المحمول،
أمر به يرتبط المحمول إلى الموضوع و ليس له وجود مستقلّ، و إلّا لزم كون أجزاء
القضيّة غير متناهية، و هي محصورة بين حاصرين: المحمول و الموضوع.
و لمّا كانت القضيّة
صادقة، و كان الصدق هي المطابقة للواقع، استلزم ذلك كون القضيّة مطابقة للخارج
بمالها من الأجزاء. فالنسبة موجودة في الخارج، كالموضوع و المحمول. هذا.
و يمكن أن يقال: إنّ
النسبة و إن كانت موجودة في نفس القضيّة، إلّا أنّ الاستدلال بصدق القضيّة على
وجود النسبة في الخارج، مخدوش بوجوه:
الأوّل: أنّ مفاد
القضيّة الحمليّة ليس هو وجود الرابطة بين الموضوع و المحمول. حتّى