الحمد لله حمد الشاكرين ، والصلاة
والسلام على عين الانسان وانسان العين ومن دنى من ربّه العليّ فتدلّى فكان قاب
قوسين أبي القاسم المصطفى المنزّه من كلّ رين وشين ، وعلى أهل بيته الغرِّ
الميامين سيّما ناموس الدهر وإمام العصر عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
وبعد ، فإنّ من دواعي الفخر والاعتزاز
أن ينهض علماء الشيعة ومحقّقوها الذين عرفوا بالتحقيق والتدقيق في سائر العلوم
والفنون ، فكان لهم الكأس الأوفى والقدح المعلّى في الفقه واُصوله والحديث ودرايته
والرجال والكلام والتفسير وعلوم القرآن وغيرها ، فيتصدّون لأعقد العلوم وأشرفها
رتبةً وأعلاها منزلةً ، أي الحكمة المتعالية بتعالي موضوعها ومسائلها ، والمشرّفة
بشرف غايتها وأغراضها أي معرفة الحقّ عزّ شأنه وصفاته العليا وأسمائه الحسنى
وأفعاله في خلقه ، وأسرار المبدأ والمعاد ومكامن التكوين والإبداع في عالم الإمكان
، سيّژما ما يتعلّق بشؤون الإنسان وأطواره روحاً وبدناً ، نفساً وجسداً ، عقلا
وإحساساً ، فإنّه بحرٌ وسيعٌ وسيع وغوره عميقٌ عميق ، فغاصوا ذلك البحر المتلاطم
وسبروا غوره المتفاقم فأخرجوا الدُرر واللآلئ ونظموها في أتقن نظام ، ووضعوها بين
يدي طلاّبها ومبتغيها على أحسن ما يُرام.
وكيف لا يكونوا كذلك! وقد أتوا مدينة
العلم والحكمة من بابها وأناخوا عقولهم وأرواحهم في فناء ينابيعها الراقية وعيونها
الصافية ، فنهلوا من معينها عذباً