قلنا: و الإجماع إمّا أن
يعلم صحّته بالسمع و قد بيّنا أنّ صحّة السمع لا تعلم إلّا بعد العلم بكونه مريدا،
أو بالعقل على مذهبنا في اشتمال قول المجمعين على قول المعصوم و ذلك أيضا لا يعلم
ما لم يعلم أنّه تعالى مريد.
و بيانه أنّ الرئاسة إنّما
يثبت وجوبها لكونها لطفا لمن يجوز عليه الخطأ من المكلّفين فعند ذلك نقول: إذا
كلّفهم تعالى لا يجوز أنّ يخلّيهم من هذا اللطف، فعلى هذا لا يعلم وجود الرئيس
فيما بين المجمعين إلّا مع علمنا بأنّ اللّه تعالى كلّفهم. و ذلك هو علم بكونه
تعالى مريدا، لأنّ التكليف إنّما هو الإرادة مع الشروط المذكورة المعتبرة فيه،
فصحّ أنّا لا نعلم صدر صيغة الأمر أو الخبر منه تعالى ما لم نعلمه مريدا، فكيف
يصحّ الاستدلال بالأمر و الخبر على أنّه تعالى مريد!
و نقول لمن ذهب إلى اشتراك
صيغة الأمر و الخبر: إذا كنت تستدلّ بالصيغتين على أنّه تعالى لا بدّ من أن يكون
قد عنى بعض محتملات اللفظتين على الجملة، ما كان ذلك استدلالا بالخبر و الأمر على
كونه مريدا، و إنّما كان استدلالا بوقوع فعله على بعض الوجوه، أيّ وجه كان، على ما
في سائر أفعاله.