من غير إذنه فحينئذ يلزمه
عوض ما أوصل إليه من الغمّ. و كذا لو علم الذابح ذلك و لم يعلمه المالك فيغتمّ
بذبحه شاته، فانّه يلزمه عوض الغموم. التي تصل إلى المالك.
و ذكر قاضي القضاة: أنّ
حيوان الغير إذا ظهر منه أمارات الموت، فانّه يجوز للواحد منّا ان يذبحه، لأنّ
مالكه يرضى بذلك، و هذا معلوم من طريق العادة، فيكون ذلك جاريا مجرى الإذن من
جهته.
و ممّا يبطل احتجاجهم هذا
انّ القاتل لو لم يقتل المقتول، و كذا لم يذبح الذابح الشاة، و ماتا بإماتة اللّه
ايّاهما لكان المقتول و مالك الشاة يستحقّان من الأعواض أكثر ممّا يستحقانه على
القاتل و الذابح، فقد أساء القاتل و الذابح إلى المقتول و المالك، حيث فوّتا
عليهما زيادة الأعواض.
و قد استدلّ على بطلان قول
من قطع على إماتة المقتول لو لا القتل، بقوله عزّ و جلّ:
«وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ»[1]، فحكم تعالى بأنّ في شرع القصاص حياة لنا، بأن ينز جر الذي يروم قتل
غيره عن قتله مخافة القصاص فلا يقتله فيبقى حيّا هو و من رام قتله، فلو كان
المقتول يموت لا محالة لو لم يقتله القاتل، ما كان في شرع القصاص اثباته حياة.
فإن قيل: يلزم هذا
المستدلّ بهذه الآية أن يقطع على حياتهما، لأنّه تعالى أثبت لهما الحياة في شرع
القصاص.
قلنا: إنّه تعالى أثبت
للناس حياة منكرة، أي لكم في إثباته حياة ما و هذا التنكير يقتضي أن تحصل تلك
الحياة في بعض الأحوال دون بعض.