و بما أوردناه من الدلالة
يبطل قول كلّ من خالف في هذه المسألة من النظّام و معمّر و ابن الإخشيد، لأنّ هذه
الأفعال تابعة لصحّة هذا البدن الظاهر، و الإدراك يحصل بأبعاضه و ظاهر بشرته. فلو
جاز إضافته إلى شيء فيه للزم أيضا تجويز شيء ثالث في هذا البدن أو في ذلك الجسم
المنساب فيه أو في الجزء الذي في القلب، فلا يثبت إضافتها إلى معيّن، و لزم أيضا
أن يحصل تعلّق لهذه الأفعال بذلك الشيء كتعلّقها بهذا البدن و أن يضاف إليه و في
ذلك حصول الاستغناء عن الإضافة إلى هذا البدن.
و يخصّ النظّام بأن يقال
له: إن أردت بالروح: النفس المتردّد في تجاويف البدن و مخارفه الذي هو الهواء،
فمعلوم أنّ ما يكون بهذه الصفة يستحيل أن يكون حيّا عالما فاعلا قادرا.
و يقال لابن الاخشيد: هب
أنّ الجسم لا يمكنه التقلّص عند التوسيط و جزّ الرقبة و لكنّه يمكن عند قطع اليد و
الرجل، إذ قد شاهدنا كثيرا قطعت أيديهم أو أرجلهم أو أيديهم و أرجلهم معا و لم
يهلكوا و بقوا أحياء فلم يتقلّص في بعض المواضع عند قطع اليد و الرجل، و لم يتقلّص
في البعض إذ قدر أينا أيضا من هلك عند قطع اليد أو الرجل.
شبهة من قال: إن الحيّ
القادر الفاعل المكلّف هو غير البدن
إنّ البدن الظاهر مؤلّف من
أبعاض ليس كلّ بعض منها حيّا قادرا فاعلا.
و إذا كان كذلك فكيف يحصل
الحيّ الواحد و القادر الفاعل الواحد من انضمام ما ليس بحيّ و لا قادر و لا فاعل
إلى ما ليس بحيّ و لا قادر و لا فاعل، و لو جاز ذلك لجاز أن يجتمع ما ليس بأسود
إلى ما ليس بأسود، فيكون المجموع أسود.