القول في أنّه تعالى ليس
بمرئيّ، و لا مدرك بضرب من ضروب الإدراكات
الذي يدلّ على أنّه تعالى
ليس بمرئيّ أنّه لو كان مرئيّا لوجب أن نراه الآن، و لو رأيناه لوجب أن نعلمه
ضرورة، لأنّ العلم بالمرئيّ الجليّ الذي لا يشتبه بغيره من جملة كمال العقل. فلما
لم نعلمه ضرورة و لم نره، دلّ على أنّه ليس بمرئيّ.
فإن قيل: لم قلتم إنّه لو
كان مرئيّا لوجب أن نراه الآن؟
قلنا: لأنّه تعالى حاصل
على الصفة التي لو رئي لما رئي إلّا عليها، و الواحد منّا حاصل على الصفة التي
باعتبارها يرى المرئيّات. و الذي يتصوّر كونه مانعا عن الرؤية غير حاصل بيننا و
بينه تعالى، فكان يجب أن نراه الآن، لأنا إنّما نرى المرئيّات لاجتماع هذه الامور.
فان قيل: لم قلتم إنّه
تعالى حاصل على الصفة التي لو رئي لرئي عليها؟
قلنا: لأنّ المرئي: إنّما
يرى عند خصومنا في المسألة لأنّه موجود، و هو تعالى موجود، و عند أصحابنا إنما يرى
لصفته المقتضاة عن صفة الذات أو لصفته الذاتية أو لحقيقة ذاته على اختلاف بين
الأصحاب في ذلك. و أيّ هذه الامور صحّ فهو حاصل له تعالى، فحصل الاتفاق على أنّه
تعالى حاصل على الوجه الذي لو رئي لرئي عليه.
فإن قيل: لم قلتم إنّ
أحدنا حاصل على الصفة التي لمكانها يرى المرئيّات؟