و منها قوله: إن حركات أهل
الخلدين تنقطع. و الجنة و النار تفنيان بعد دخول أهلهما فيهما و تلذذ أهل الجنة
بنعيمها، و تألم أهل النار بجحيمها؛ إذ لا تتصور حركات لا تناهي آخرا، كما لا
تتصور حركات لا تتناهى أولا. و حمل قوله تعالى:
خالِدِينَ فِيها على المبالغة و التأكيد دون الحقيقة في التخليد، كما يقال خلد اللّه
ملك فلان. و استشهد على الانقطاع بقوله تعالى:
خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ[1]. فالآية اشتملت على شريطة و استثناء،
و الخلود و التأييد لا شرط فيه و لا استثناء[2].
و منها قوله: من أتى
بالمعرفة ثم جحد بلسانه لم يكفر بجحده، لأن العلم و المعرفة لا يزولان بالجحد، فهو
مؤمن، قال: و الإيمان لا يتبعض أي لا ينقسم إلى: عقد، و قول و عمل. قال: و لا
يتفاضل أهله فيه، فإيمان الأنبياء، و إيمان الأمة على نمط واحد، إذ المعارف لا
تتفاضل. و كان السلف كلهم من أشد الرادّين عليه، و نسبته إلى التعطيل المحض. و هو
أيضا موافق للمعتزلة في نفي الرؤية، و إثبات خلق الكلام، و إيجاب المعارف بالعقل
قبل ورود السمع.
- كحركة المرتعش، و حركة
المختار. و أنه ليجد فرقا بينهما. و من أنكر هذه التفرقة لا يعدّ من العقلاء، فله
ما ورد في القرآن من قوله يعملون، و يعقلون و يكسبون حجة عليهم، و كذا قوله: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
و لو لم يكن للعبد اختيار، كان الخطاب معه محالا و الثواب و العقاب عنه ساقطين
كالجماد.
و قد ردّ اللّه على
الجبرية و القدرية حيث قال: و ما رميت إذ رميت و لكن اللّه رمى. و معناه و ما رميت
من حيث الخلق إذ رميت من حيث الكسب. و لكن اللّه رمى من حيث الخلق و الكسب، خلقه
خلقا لنفسه، كسبا لعبده، فهو مخلوق للّه تعالى من وجهين. (راجع التبصير ص 63).
[2] من ضلالاته قوله إن
الجنة و النار تفنيان كما تفنى سائر الأشياء. لكنه عزّ و جلّ قادر بعد فنائهما على
أن يخلق أمثالهما. و عقيدة أهل السنّة إنهم قالوا بتأييد الجنة و نعيمها و تأييد
جهنّم و عذابها و أكفروه في قوله.