و حكما بالهوى في مقابلة
النص، و استكبارا على الأمر بقياس العقل؟ حتى قال عليه الصلاة و السلام: «سيخرج[1] من ضئضئ[2] هذا الرّجل قوم يمرقون[3] من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة ...» الخبر بتمامه.
و اعتبر حال طائفة أخرى من
المنافقين يوم أحد، إذ قالوا: هَلْ لَنا مِنَ
الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ[4]،
و قولهم: لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا[5]، و قولهم:
لَوْ كانُوا عِنْدَنا
ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوا[6]، فهل ذلك إلّا تصريح بالقدر؟ و قول طائفة من المشركين: لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ[7]، و قول طائفة:
و اعتبر حال طائفة أخرى
حيث جادلوا في ذات اللّه، تفكرا في جلاله، و تصرفا في أفعاله حتى منعهم و خوّفهم
بقوله تعالى: وَ يُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَ هُمْ
يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ[9]، فهذا ما كان في زمانه عليه الصلاة و السلام و هو على شوكته و قوته
و صحّة بدنه، و المنافقون يخادعون فيظهرون الإسلام و يبطنون الكفر، و إنما يظهر
نفاقهم بالاعتراض في كل وقت على حركاته و سكناته، فصارت الاعتراضات كالبذور، و
ظهرت منها الشبهات كالزروع.
و أمّا الاختلافات الواقعة
في حال مرضه عليه الصلاة و السلام و بعد وفاته بين
[1] في مسلم أنه سيخرج
من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب اللّه رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق
السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل ثمود. (مسلم 3: 111).