و زعم قوم من اليعقوبية أن
الكلمة لم تأخذ من مريم شيئا، و لكنها مرت بها كالماء بالميزاب، و ما ظهر بها من
شخص المسيح في الأعين فهو كالخيال و الصورة في المرآة و إلا فما كان جسما متجسّما
كثيفا في الحقيقة. و كذلك القتل و الصلب إنما وقع على الخيال و الحسبان، و هؤلاء
يقال لهم الإليانية، و هم قوم بالشام، و اليمن، و أرمينية، قالوا: و إنما صلب
الإله من أجلنا حتى يخلصنا. و زعم بعضهم أن الكلمة كانت تداخل جسم المسيح عليه
السلام أحيانا، فتصدر عنه الآيات، من إحياء الموتى، و إبراء الأكمه و الأبرص. و
تفارقه في بعض الأوقات فترد عليه الآلام و الأوجاع.
و منهم بليارس و أصحابه،
حكى عنه أنه كان يقول: إذا صار الناس إلى الملكوت الأعلى أكلوا ألف سنة، و شربوا،
و ناكحوا، ثم صاروا إلى النعم التي وعدهم آريوس، و كلها لذة، و راحة، و سرور و
حبور، لا أكل فيها و لا شرب و لا نكاح.
و زعم مقدانيوس[1] أن الجوهر القديم أقنومان فحسب: آب، و
ابن، و الروح مخلوق.
و زعم سباليوس أن القديم
جوهر واحد، أقنوم واحد، له ثلاث خواص، و اتحد بكليته بجسد عيسى ابن مريم عليهما
السلام.
و زعم آريوس أن اللّه
واحد، سماه أبا، و أن المسيح كلمة اللّه و ابنه على طريق الاصطفاء، و هو مخلوق قبل
خلق العالم، و هو خالق الأشياء. و زعم أن للّه تعالى روحا مخلوقة أكبر من سائر
الأرواح و أنها واسطة الأب و الابن، تؤدي إليه الوحي.
و زعم أن المسيح ابتدأ
جوهرا، لطيفا، روحانيا، خالصا، غير مركب، و لا ممزوج بشيء من الطبائع الأربع، و
إنما تدرع بالطبائع الأربع عند الاتحاد بالجسم المأخوذ من مريم.
و هذا آريوس قبل الفرق
الثلاث، فتبرءوا منه لمخالفتهم إياه في المذهب.
[1] هو ممن تأثر بآراء
أريوس و قد رقي كرسي البطريركية بالقسطنطينية بعد ما نزل بولس بطريركها، الشرعي
بأمر قسطنطين القيصر و قد ذهب إلى أن الروح القدس أثر إلهي منتشر في الكون يمتاز
عن اللّه و أن روح القدس مخلوق فهو ممّن يعتنقون التوحيد. (تاريخ الكنيسة 1: 253 و
ابن خلدون 1: 224).