إلى موسى. و اختلفوا في
حال موته، فمنهم من قال إنه مات و سيرجع، و منهم من قال: غاب و سيرجع.
و اعلم أن التوراة قد
اشتملت بأسرها على دلالات و آيات تدل على كون شريعة نبينا المصطفى عليه الصلاة و
السلام حقا، و كون صاحب الشريعة صادقا، بل ما حرفوه و غيروه و بدلوه. إما تحريفا
من حيث الكتابة و الصورة. و إما تحريفا من حيث التفسير و التأويل.
و أظهرها ذكر إبراهيم عليه
السلام و ابنه إسماعيل و دعاؤه في حقه، و في حق ذريته. و إجابة الرب تعالى إياه،
إني باركت على إسماعيل و أولاده، و جعلت فيهم الخير كله، و سأظهرهم على الأمم
كلها، و سأبعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتي.
و اليهود معترفون بهذه
القضية، إلا أنهم يقولون: أجابه بالملك دون النبوة و الرسالة.
و قد ألزمتهم أن الملك
الذي سلمتم أ هو ملك بعدل و حق أم لا؟ فإن لم يكن بعدل و حق، فكيف يمنّ على
إبراهيم عليه السلام بملك في أولاده و هو جور و ظلم؟
و إن سلمتم العدل و الصدق
من حيث الملك، فالملك يجب أن يكون صادقا على اللّه تعالى فيما يدعيه و يقوله، و
كيف يكون الكاذب على اللّه تعالى صاحب عدل و حق؟
إذ لا ظلم أشد من الكذب
على اللّه تعالى. ففي تكذيبه تجويره، و في التجوير رفع المنّة بالنعمة، و ذلك خلف.
و من العجب أن في التوراة:
أن الأسباط[1] من بني إسرائيل كانوا يراجعون القبائل
من بني إسماعيل، و يعلمون أن في ذلك الشعب علما لدنيا لم تشتمل التوراة عليه. و
ورد في التواريخ أن أولاد إسماعيل عليه السلام كانوا يسمون آل اللّه، و أهل اللّه،
و أولاد إسرائيل: آل يعقوب، و آل موسى، و آل هارون. و ذلك كسر[2] عظيم.
[1] هم ولد يعقوب عليه
السلام. و هم اثنا عشر ولدا كما ذكرنا. (راجع القرطبي 2: 129 و مجمع البيان 1:
217).