و ذلك أن عليا قد مات، و
خلف الحسن العسكري، قالوا: امتحنا الحسن فلم نجد عنده علما، و لقبوا من قال بإمامة
الحسن الحمارية، و قووا أمر جعفر بعد موت الحسن و احتجوا بأن الحسن مات بلا خلف
فبطلت إمامته، و لأنه لم يعقب، و الإمام لا يموت إلا و يكون له خلف و عقب.
و حاز جعفر ميراث الحسن
بعد دعاوى ادعاها عليه أنه فعل ذلك من حبل في جواريه و غيرهم، و انكشف أمره عند
السلطان و الرعية و خواص الناس و عوامهم، و تشتت كلمة من قال بإمامة الحسن و
تفرقوا أصنافا كثيرة، فثبتت هذه الفرقة على إمامة جعفر، و رجع إليهم كثير ممن قال
بإمامة الحسن، منهم: الحسن[1] بن علي بن فضال، و هو من أجلّ أصحابهم و فقهائهم، كثير الفقه و
الحديث، ثم قالوا بعد جعفر بعلي بن جعفر و فاطمة بنت علي أخت جعفر، و قال قوم
بإمامة علي بن جعفر دون فاطمة السيدة ثم اختلفوا بعد موت علي و فاطمة اختلافا
كثيرا، و غلا بعضهم في الإمامة غلوا كأبي الخطاب الأسدي[2].
و أما الذين قالوا بإمامة
الحسن فافترقوا بعد موته إحدى عشرة فرقة و ليست لهم ألقاب مشهورة، و لكننا نذكر
أقاويلهم.
الفرقة الأولى: قالت إن
الحسن لم يمت، و هو القائم، و لا يجوز أن يموت و لا ولد له ظاهرا، لأن الأرض لا
تخلو من إمام؛ و قد ثبت عندنا أن القائم له غيبتان، و هذه إحدى الغيبتين، و سيظهر
و يعرف ثم يغيب غيبة أخرى.
الثانية: قالت إن الحسن
مات و لكنه يحيا و هو القائم، لأن رأينا أن معنى القائم هو القيام بعد الموت،
فنقطع بموت الحسن و لا نشك فيه، و لا ولد له، فيجب أن يحيا بعد الموت.
[1] الحسن بن علي بن
فضال التيمي الكوفي أبو بكر روى عن موسى بن جعفر و ابنه علي و غيرهما. كان يقول
بإمامة عبد اللّه بن جعفر ثم رجع إلى إمامة أبي الحسن و كان خصّيصا بالرضا. و كان
من مصنفي الشيعة توفي سنة 224 ه. (لسان الميزان 2: 225).
[2] هو أبو الخطاب:
محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي و يكنّى أيضا أبا الظبيان. (فرق الشيعة ص 42).