و العبد مكتسبها حقيقة. و
جواز حصول فعل بين فاعلين، و قالا يجوز أن يقلب اللّه تعالى الأعراض أجساما، و
الاستطاعة و العجز بعض الجسم و هو جسم و لا محالة بنفي زمانين. و قالا: الحجة بعد
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم في الإجماع فقط، فما ينقل عنه في أحكام الدين من
طريق أخبار الآحاد فغير مقبول[1].
و يحكى عن ضرار أنه كان
ينكر حرف عبد اللّه[2]
بن مسعود، و حرف أبي بن كعب[3]، و يقطع بأن اللّه تعالى لم ينزله[4].
[1] أمّا حقيقة هذه
الإضافة في اللغة فإنه خبر واحد و إنّ الراوي له واحد فقط لا اثنان و لا أكثر من
ذلك.
غير أن المتكلّمين و
الفقهاء قد تواضعوا على تسمية كل خبر قصر على إيجاب العلم بأنه خبر واحد ...
و هذا الخبر لا يوجب
العلم، و لكن يوجب العمل إن كان ناقله عدلا و لم يعارضه ما هو أقوى منه. فمتى صحّ
إسنادها و كانت متونها غير مستحيلة في العقل، كانت موجبة للعمل بها دون العلم، و
كانت بمنزلة شهادة العدول عند الحاكم في أن يلزمه الحكم بها في الظاهر، و إن لم
يعلم صدقهم في الشهادة، و بهذا النوع من الخبر أثبت الفقهاء أكثر فروع الأحكام
الشرعية في العبادات و المعاملات و سائر أبواب الحلال و الحرام و ضلّلوا من أسقط
وجوب العمل بأخبار الآحاد. (راجع التمهيد ص 194).
[2] هو أحد القرّاء
الأربعة من السابقين صحابي، من أكابرهم فضلا و عقلا و قربا من رسول اللّه صلى
اللّه عليه و سلّم. كان خادم رسول اللّه الأمين و صاحب سرّه و رفيقه في حلّه و
ترحاله و غزواته. له 848 حديثا. توفي سنة 32 ه/ 653 م. (راجع الإصابة ت 4955 و
البدء و التاريخ 5: 97).
[3] هو أبو المنذر: أبي
بن كعب بن قيس الأنصاري الخزرجي النجاري. كان أقرأ الصحابة و سيّد القرّاء.
شهد بدرا و المشاهد
كلها. و قرأ القرآن على النبي صلى اللّه عليه و سلّم و جمع بين العلم و العمل.
توفي سنة 19 ه. و قيل سنة 22 ه. (راجع تذكرة الحفاظ رقم 6 و مشاهير علماء الأمصار
رقم 31).
[4] قراءة ابن مسعود هي
قراءة عاصم بن بهدلة أبي النجود شيخ الأقراء بالكوفة، و قد أقرأها أبا بكر بن
عياش، و هي القراءة التي كان يعرضها على زر بن حبيش عن ابن مسعود. و في تاريخ
المصاحف بيان لحروف ابن مسعود و مصحفه. أمّا قراءة أبيّ فقد أخذ بها عبد اللّه بن
حبيب أبو عبد الرحمن السلمي مقرئ الكوفة و إليه انتهت القراءة تجويدا و ضبطا و ممّن
أخذ عنه عاصم. و بتاريخ المصاحف بيان لمصحفه و القراءتان متوافرتان و لهما قراءة
تجري مجرى التفسير المشهور. و إنكار حرف منهما يكون إنكارا لبعض القرآن و إنكار
بعضه كإنكار كلّه و هو كفر فوق ما فيه من نسبته إليهما الإفتاءات على اللّه في
مصحفيهما.
و لقد زاد في غلوائه
فشكّ في جميع عامة المسلمين و قال لا أدري لعل سرائر العامة كلها شرك و كفر و هذا
خلاف إجماع أهل السنّة حيث قالوا: إنّا نقطع أن في عوام المسلمين مؤمنين عارفين
براء من الكفر و الشرك. (راجع غاية النهاية أول ص 347 و ص 413 و تاريخ المصاحف ص
53 و ص 54 و التبصير ص 63).