responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 35

فإن قيل: من أركان دليلكم استحالة اتصاف الباري تعالى بالآفات المضادة للسمع و البصر، فما الدليل على ذلك؟ قلنا: هذا مما كثر فيه كلام المتكلمين، و لا نرتضي مما ذكروه في هذا المدخل إلا الالتجاء إلى السمع، إذ قد أجمعت الأئمة و كل من آمن باللّه تعالى على تقدس الباري تعالى عن الآفات و النقائص.

فإن قيل: الإجماع لا يدل عقلا، و إنما دل السمع على كونه دليلا؛ و السمع و إن تشعبت طرقه فمآله كلام اللّه تعالى، و هو الصدق و قوله الحق؛ و الأفعال لا تدل على ثبوت الكلام، بل سبيل إثباته كسبيل إثبات السمع و البصر، كما سنذكره. فلو وقعت الطّلبة في الكلام نفسه، و أسندنا إثباته إلى نفي الآفة، ثم رجعنا في نفي الآفة إلى الإجماع الذي لا يثبت إلا بالكلام، لكنا محاولين إثبات الكلام بما لا يثبت إلا بعد تقدم العلم بالكلام عليه، و ذلك نهاية العجز؛ قلنا: هذا السؤال عظيم الوقع، يتعين الاعتناء بالانفصال عنه، و يتجه عندنا في درء السؤال أن نقول: المعجزات إذا دلت على صدق الرسل عليهم السلام، و أخبروا بعد ثبوت صدقهم عن الكلام الثابت للّه تعالى على الجملة، ثم أخبروا عن تفاصيل متعلقاته، فيعلم على القطع ما نرومه.

فإن قيل: المعجزات لا تدل على صدق الأنبياء لأعيانها دلالة الأدلة العقلية، و إنما تدل من حيث تنزّل منزلة التصديق بالقول على ما سنذكره في باب المعجزات؛ فإذا كان المعجز يدل من هذا الوجه لأنه يحل محل قول مصدق، فكيف تدل المعجزة على قول، و وجه دليله نزوله منزلة قول؟

قلنا: هذا مخيل ملبس، و لكن الحق يتبين عند التحصيل؛ فإن من ادعى في محفل أنه رسول ملك، و قام على رءوس الأشهاد و ادعى أنه رسول الملك على من شهد و غاب، و ذلك بمرأى من الملك و مسمع، ثم قال: آية رسالتي أني إذا اقترحت على الملك أن يقوم و يقعد فعل على خلاف المعتاد منه، ثم عقب على ما قال بالاقتراح، فوافقه الملك؛ فيضطر أهل المجلس إلى العلم بكونه رسولا مصدقا من المرسل. و قد لا يخطر لبعضهم كون المرسل متكلما، و قد يحضر المجلس من ينفي كلام النفس و يعتقد ألا كلام إلا العبارات، ثم يستوي الحاضرون في درك العلم بكونه رسولا، مع اختلافهم في الذهول عن كلامه إذ ذاك و العلم به؛ فاعلم ذلك ترشد.

و هذا الفصل لا يليق بمقدار هذا المعتقد، و لكنا ألفينا فصلا تقدر لدى الإملاء، فضمناه هذا المعتقد، و باللّه التوفيق.

و سبيل إثبات العلم بكون الباري تعالى متكلما، كسبيل إثبات العلم بكونه سميعا بصيرا، و لكن المقصد منه لا يتضح قبل أن نثبت كلام النفس و نرد على منكريه.

فصل‌

فإن قيل: قد وصفتم الباري تعالى بكونه سمعيا بصيرا، و السمع و البصر إدراكان، ثم تثبت شاهدا إدراكات سواهما: إدراك يتعلق بقبيل الطعوم، و إدراك يتعلق بقبيل الروائح، و إدراك يتعلق‌

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست