نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 28
فإن قيل: قد أسندتم الدليل
على الوحدانية إلى استحالة ثبوت قديم عاجز، و أنتم بالدليل على ذلك مطالبون؛ قلنا:
لو قدرنا قديما عاجزا، لكان عاجزا بعجز قديم قائم به، و العقل يقضي باستحالة العجز
القديم، لأن من حكم العجز أن يمتنع به إيقاع الفعل الممكن في نفسه. و لو أثبتنا
عجزا قديما، لجرّنا ذلك إلى الحكم بإمكان الفعل أزلا، ثم القضاء بأن العجز مانع
منه، و باضطرار نعلم استحالة الفعل أزلا، و هذا بمثابة قطعنا باستحالة تقدير حركة
قديمة؛ إذ الحركة لا بد أن تكون مسبوقة بكون في مكان، ثم تكون الحركة انتقالا منه.
فإن قيل: ما ذكرتموه ينعكس
عليكم في إثبات القدرة القديمة؛ إذ القدرة القديمة تقتضي تمكنا من الفعل، فالتزموا
من إثبات القدرة الأزلية الحكم بإمكان فعل أزلي؛ قلنا: ليس من حكم القدرة التمكن
بها ناجزا، إذ لو قدرنا شاهدا قدرة باقية، و اعتقدنا ذلك مثلا، فلا يمتنع تقدمها
على المقدور، و لا يمتنع منع القادر عن مقدوره مع استمرار قدرته؛ فوضح بذلك أنا لا
نشترط مقارنة إمكان وقوع المقدور للقدرة، و يستحيل من كل وجه التمكن من الفعل مع
العجز عنه.
فإن قيل: بم تنكرون على من
يزعم أن مقدورات القديم متناهية، و الكلام في إثبات الوحدانية يتشبث بنفي النهاية
عن مقدورات الإله؟ قلنا: إن خصص السائل السؤال بتقدير قديم واحد، فالجواب أن
المقدورات لو تناهت مع أن العقل يقضي بجواز وقوع أمثال ما وقع، و الجائز وقوعه لا
يقع بنفسه من غير مقتض، و في قصر القدرة على ما يتناهى إخراج أمثاله عن إمكان
الوقوع، إذ لا يقع حادث إلا بالقدرة، و مساق ذلك يجر إلى جمع الاستحالة و الإمكان
فيما علم فيه الإمكان.
و إن فرض السائل السؤال عن
قديمين، فزعم أن أحدهما يقدر على قبيل من المقدورات، و الثاني يقدر على قبيل آخر،
و هذا من أغمض ما يسأل عنه؛ فنقول: نحن نصور جسما و نتعرض لتقسيم الدليل لتحريكه و
تسكينه. فإن زعم السائل أنهما جميعا خارجان عن مقدوريهما، كان محالا مؤديا إلى خلو
الجسم عن الحركة و السكون؛ و إن قدر السكون مقدورا لأحدهما، و الحركة مقدورة
للثاني، فمآل هذا التقدير التمانع كما قررناه.
فإن قيل: الحركة و السكون
و قبيل الأكوان مقدور أحدهما و ليس مقدورا للثاني، فنفرض الدليل في الألوان. فإن
عورضنا فيها تعديناها إلى قبيل آخر من الأعراض، و لا نزال كذلك حتى ينساق الدليل
إلى أحد أمرين؛ إما أن يشتركا في الاقتدار على قبيل من الأعراض، و يترتب عليه
التمانع، إذ كل قبيل من الأعراض يشتمل على المتضادات. و إن عورضنا فرضنا الدليل في
المثلين من كل قبيل ليستقر فيه الدليل، فإن المثلين يتضادان، كما سنذكر في درج
الكلام إن شاء اللّه عزّ و جلّ؛ فهذا أحد مآلي الممانعة التي قدرناها.
و لو قال السائل: إن أحد
القديمين ينفرد بالاقتدار على خلق جميع أجناس الأعراض؛ قيل:
هل يتصف الثاني بالاقتدار
على خلق الجواهر أم لا؟ فإن قال السائل: إنه لا يقتدر عليه، فقد أخرجه
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 28