responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 155

ثم الطاعات ثابتة على حقائقها، صحيح أداؤها، و الإصرار على الكبيرة لو كان يدرأ ثواب الطاعات، لكان ينافي صحتها؛ كالردة، و مفارقة السنة، فإنها لما كانت محبطة كانت منافية لصحة العبادات. ثم الثواب يستحق على الطاعات عندهم لحسنها و وقوعها طاعات و ذلك يتحقق مع الكبيرة الواحدة تحققه دونها.

فإن قالوا: مرتكب الكبيرة فاسق مخالف، و الجمع بين الثواب و بين سمة الفسوق متناقض؛ فإن الثواب يؤذن بالولاية، و الفسوق ينافيها. قلنا: لا خلاف أنه موصوف بكونه مطيعا بطاعته موقنا موحدا و كل ما ذكرناه من سمات الأولياء. ثم إنما يتناقض اجتماع سمة المشاقّة و الموافقة في الوقت الواحد، و لا بعد في المخالفة في الشي‌ء و الموافقة في غيره. ثم إن لم يكن من الإحباط و الإسقاط بدّ فهلّا أحبطتم العقاب و غلبتم الثواب كما قررناه!.

و ربما استدل أصحاب الوعيد بظاهر من الكتاب، و نحن نذكر أغمضها فنرشد إلى طريق الكلام عليه. فمما تمسكوا به قوله تعالى: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها [سورة النساء: 93]، و هذا في ظنهم نص على الوعيد و الخلود. و قد كثر كلام المفسرين في الآية، و ليس من غرضنا استيعاب جميع ما قيل، و لكنا نذكر ما يقنع.

و قد قال ابن عباس في تأويل الآية: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مستحلا قتله، و العمد على الحقيقة إنما يصدر من المستحل؛ فأما من يعتقد أن القتل من أعظم الكبائر فيجرئه هواه و يزعه اعتقاده، فلا يقدم على الأمر إلا خائفا وجلا. و آية ذلك أن الرب تعالى لما ذكر القصاص و وجوبه، لم يقرنه بالوعيد و الخلود؛ و حيث ذكر الخلود لم يتعرض لوجوب القصاص، و ذلك أصدق دلالة على أن التوعد بالخلود للكافر المستحل، الذي لا تجري عليه ظواهر الأحكام. فإن الحربي، الذي لم يلتزم أحكامنا، إذا قتل لم يقض عليه بوجوب القصاص.

ثم إن الخلود، و إن كان ظاهرا في التأبيد، فليس هو نصا فيه، و قد يطلق، و المراد به امتداد مدة و تطاول أمد، و على هذا التأويل يحيّا الملوك بتخليد الملك. و أصحاب الوعيد قاطعون بمعتقدهم، و الظاهر المتعرض للاحتمال لا يفيد القطع.

ثم يعارض استدلالهم بالاحتجاج بقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ [سورة النساء: 48]، و هذا نص في موضع النزاع، و لا سبيل لهم إلى حمل الآية على التوبة، من وجهين: أحدهما أن قبول التوبة حتم عندهم، فلا يفيد تعلق المغفرة بالمشيئة؛ و الثاني أنه تعالى فرق بين المشرك و بين ما دونه، و التوبة عند الشرك تحبطه و تجبّه، كما أن التوبة عن المعاصي تسقط أوزارها. و يتسع مجال الكلام على الظواهر، و هذا القدر كاف.

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست