responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 131

بضروب من الآيات؛ فكان زكريا صلوات اللّه عليه يصادف عندها فاكهة الشتاء في الصيف و فاكهة الصيف في الشتاء، و يقول معجبا: «أَنَّى لَكِ هذا». و تساقط عليها الرطب الجنيّ، إلى غير ذلك من آياتها. و كذلك أم موسى عليها السلام، ألهمت في أمره بما لا خفاء به. و جرى من الآيات في مولد الرسول عليه السلام ما لا ينكره منتم إلى الإسلام، و كان ذلك قبل النبوءة، و الانبعاث و المعجزة لا تسبق دعوى النبوءة كما قدمناه.

فإن تعسف بعضهم و زعم أن الآيات التي استدللنا بها كانت معجزات لنبي كل عصر، فذلك اقتحام للجهالة. فإنا إذا بحثنا عن العصور الخالية، لم نلف الآيات التي تمسكنا بها مقترنة بدعوى، بل كانت تقع من غير تحد لمتحد. فإن قالوا: إنما وقعت للأنبياء دون دعواهم فشرط المعجزة الدعوى، فإذا فقدت كانت خوارق العادات كرامة للأنبياء، و يحصل بذلك غرضنا في إثبات الكرامات و لم يكن في وقت مولد الرسول نبي تستند إليه آياته. فقد وضحت الكرامات جوازا و وقوعا، عقلا و سمعا.

فصل‌

هذا الفصل في إثبات السحر و تمييزه عن المعجزة و نذكر فيه إثبات الجن و الشياطين و الرد على منكريهم.

فأما السحر فثابت، و نحن نصفه أولا، ثم ندل عقلا على جوازه و نتمسك بموارد السمع على وقوعه و نذكر تمييزه عن المعجزة في خلال الكلام. فلا يمتنع أن يترقى الساحر في الهواء، و يتحلق في جو السماء و يسترق و يتولج في الكواء و الخوخات، إلى غير ذلك مما هو من قبيل مقدورات البشر، إذ الحركات في الجهات من قبيل مقدورات الخلق. و لا يمتنع عقلا أن يفعل الرب تعالى عند ارتياد الساحر ما يستأثر بالاقتدار عليه، فإن كل ما هو مقدور للعبد فهو واقع بقدرة اللّه تعالى عندنا.

و الدليل على جواز ذلك، كالدليل على الكرامة. و وجه الميز هاهنا بين السحر و المعجزة كوجه الميز في الكرامة، فلا وجه إلى إعادته. و قد شهدت شواهد سمعية على ثبوت السحر؛ منها قصة هاروت و ماروت، و منها سورة الفلق مع اتفاق المفسرين على أن سبب نزولها ما كان من سحر لبيد بن أعصم اليهودي لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم، فإنه سحره على مشط و مشاطة تحت راعوفة في بئر ذروان.

و سحر ابن عمر فتوعكت يده، و سحرت جارية عائشة رضي اللّه عنها.

و اتفق الفقهاء على وجود السحر و اختلفوا في حكمه، و هم أهل الحل و العقد، و بهم ينعقد الإجماع، و لا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة فقد ثبت السحر جوازا و وقوعا.

ثم اعلموا أن السحر لا يظهر إلا على فاسق، و الكرامة لا تظهر على فاسق، و ليس ذلك من مقتضى العقل، و لكنه متلقى من إجماع الأمة. ثم الكرامة و إن كانت لا تظهر على معلن بفسقه، فلا

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست