نام کتاب : استقصاء النظر في القضاء و القدر نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 39
و فرعون بالجنان و يورثهما
إيّاها، حيث إنّه لا مدخل للطّاعة و المعصية في استحقاق الثّواب و العقاب عندهم،
فيبطل جميع التكاليف و يلتجئ كلّ عاقل إلى الرّاحة من التكاليف، و يفعل أنواع
الملاذّ و المعاصي و الملاهي المحرّمة، و ترك التكاليف الشاقّة، إذ لا فرق بين
ارتكاب المشاقّ و امتثال الأوامر بالطّاعات، و بين ارتكاب أنواع الفسوق، بل يجب أن
يحكم بسفه الزّاهد العابد المنفق أمواله في أصناف الخير، من بناء المساجد و الرّبط
و المدارس، لأنّه يعجل لنفسه ارتكاب المشقّة، و يخرج ما يحتاج إليه من الأموال
لغرض لا يحصل بفعل ذلك، بل يحصل به العذاب، و يترك الرّاحة و الملاذّ و الملاهي،
مع أنّه قد يحصل به النّعيم المؤبّد، و أيّ عاقل يرضى لنفسه مثل هذا المذهب
المؤدّي إلى خراب العالم، و اختلال نظام النّوع الإنساني، و اضطراب الشّريعة
المحمّديّة صلّى اللّه عليه و آله.
التّاسع:
إنّه يلزم منه الكفر، و
عدم الجزم بصدق الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و انتفاء الوثوق بشيء من الشّرائع
و الأديان، لأنّ الكفر و الإضلال، و جميع أنواع المعاصي و أنواع الفسوق، و دعوى
الكذّابين في النبوّة صادرة عنه تعالى و واقعة بإرادته، فجاز أن يكون محمّد صلّى
اللّه عليه و آله و غيره من الأنبياء المتقدّمين كموسى و عيسى و غيرهما عليهم السّلام
قد ادّعوا النبوّة و هم كذّابون، و إنّه تعالى خلق المعجز عقيب دعواهم لإضلال[1] الخلق، لأنّ العصاة و الفسّاق و
الكفّار في العالم أكثر من المطيعين، لقوله تعالى:
وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ[2] وَ قَلِيلٌ ما هُمْ[3]