نام کتاب : استقصاء النظر في القضاء و القدر نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 33
أمرني بسطر[1] الأدلّة الدالّة على أنّ للعبد
اختيارا في أفعاله، و أنّه غير مجبور عليها، قابلت ذلك الأمر المطاع بالامتثال و
الاتّباع، و سارعت في إنشاء هذه الرّسالة الموسومة ب «استقصاء النّظر في البحث عن
القضاء و القدر» المشتملة على حجج الفريقين و أدلّة الخصمين، و أوضحت الحقّ منهما
بالبرهان الواضح، و الدليل اللّائح، قاصدا في ذلك تحقيق الحقّ، و ارتكاب نهج
الصدق، و استعمال الانصاف، و اجتناب البغي و الاعتساف، و طلب الحقّ أين[2] كان، و الوصول إليه بقدر الإمكان، و
اللّه الموفّق و المعين، و قبل الخوض في الأدلّة نقرّر محلّ النّزاع، فنقول:
(مذهب الجهميّة و
الأشاعرة في الأفعال)
ذهب جهم بن صفوان[3] إلى أنّه لا فعل للعبد البتّة، و أنّ
الفاعل لجميع الأشياء هو اللّه تعالى لا غير، و لا قدرة للعبد.
و ذهب الأشاعرة و
النجّاريّة إلى أنّ اللّه تعالى هو الموجد للأفعال بأجمعها لكنّ العبد مكتسب
لأفعاله، فأثبتوا للعبد قدرة غير مؤثّرة في الفعل بل الفعل صادر من اللّه تعالى، و
هذا في الحقيقة هو مذهب جهم بن صفوان لكن لمّا خاف[4] أبو الحسن الأشعري[5] أنّ الشّناعة تلزمه من إسقاط فائدة التكليف، و
[3] هو أبو محرز
السّمرقندي رأس الجهميّة، كان يقضي في عسكر الحارث بن سريج الخارج على أمراء
خراسان، فقبض عليه نصر بن سيّار و أمر بقتله، فقتل في سنة 128 ه.