الأيام، جعل علماء المسلمين، يرصدون هذه الحوادث بدقة، و يتتبعون
جزئياتها، بعين لماحة و فكر متقد، لتتخذ من ذلك الأجيال اللاحقة دروسا و عبرا،
فظهر المؤرخون العمالقة، أمثال العماد ابن كثير[1]في موسوعته التاريخية (البداية و النهاية) و ابن حجر العسقلاني[2]في كتابيه المحلقين (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة). و
كتاب (أنباء الغمر) و ابن خلدون[3] (مفخرة
العرب) في دائرة معارفه الكبرى المسماة (العبر) و ديوان (المبتدأ و الخبر في تاريخ
العرب و العجم و البربر) و غير هذا كثير. و لو ذهبنا نعدد صنوف المعرفة التي
أنتجتها عقول المفكرين في هذا العصر، لأعيانا الحصر و العد، و يكفي أن نقول في
النهاية، إن عصر التفتازاني العلمي هو عصر عمالقة الرجال، و أفذاذ المفكرين
الأبطال.
[1]هو: إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضو بن
درع القرشي البصروي ثم الدمشقي أبو الفداء. عماد الدين، حافظ مؤرخ فقيه، ولد في
قرية من أعمال بصرى و الشام و انتقل مع أبيه إلى دمشق سنة 706 ه و رحل في طلب
العلم و توفي بدمشق عام 774 ه. له مصنفات كثيرة منها البداية و النهاية، و تفسير
القرآن الكريم، و الاجتهاد في طلب الجهاد و غير ذلك.
(راجع الدرر الكامنة 1: 37).
[2]هو أحمد بن علي بن محمد الكناني
العسقلاني أبو الفضل. شهاب الدين ابن حجر من أئمة العلم و التاريخ، أصله من عسقلان
بفلسطين و مولده و وفاته بالقاهرة ولع بالأدب و الشعر ثم أقبل على الحديث، و رحل
إلى اليمن و الشام و إلى الحجاز و غيرهما. له تصانيف كثيرة منها الدرر الكامنة في
أعيان المائة الثامنة و لسان الميزان، و الإحكام لبيان ما في القرآن من الأحكام و
تقريب التهذيب، و الإصابة في تميز أسماء الصحابة، و تهذيب التهذيب و غير ذلك. توفي
عام 842 ه.
[3]هو عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن
خلدون أبو زيد ولي الدين الخضرمي الاشبيلي من ولد وائل ابن حجر، الفيلسوف المؤرخ
العالم الاجتماعي البحاثة. أصله من إشبيلية و مولده و منشأه بتونس، رحل إلى فارس و
غرناطة و تلمسان و الأندلس، و تولى أعمالا و اعترضته دسائس و وشايات، جاء إلى مصر
فأكرمه سلطانها الظاهر برقوق، و ولي فيها قضاء المالكية و لم يتزي بزي القضاء
محتفظا بزي بلاده. من تصانيفه: العبر و ديوان المبتدأ و الخبر في تاريخ العرب و
العجم و البربر، و رسالة في المنطق، و له شعر توفي عام 808 ه.