و الجواب: أنا لا نسلم الملازمة، لجواز أن يكون المحمول مما لا تحقق
له إلا في العقل، و يكون صدقه على الموضوع دائما، بل ضروريا في نفس الأمر.
كقولنا: اجتماع النقيضين معدوم و ممتنع، فإن هذا الحكم ضروري صادق في
نفس الأمر، مع أنه لا تحقق للعدم و الامتناع إلا بحسب العقل، فكذا هاهنا الوجوب و
الإمكان عدميان، و الحكم بأن الشيء واجب أو ممكن ضروري، بمعنى أنه في نفس الأمر
بحيث إذا نسبه العقل إلى الوجود، حصل معقول هو الوجوب أو الإمكان.
الرابع:أنهما لو كانا عدميين لزم سلب الوجوب عن الواجب، و الإمكان عن الممكن
بحسب الخارج، سواء وجد اعتبار العقل أو لم يوجد، لأن العدم في نفسه، عدم بالنسبة
إلى كل شيء. و هذا معنى قولهم إمكانه، لا في معنى لا إمكان[1]له.
و الجواب: المنع. فإن معنى قولنا[2]: إمكانه لا أن ذلك الوصف الصادق على الموضوع عدمي، و معنى لا إمكان
له، أنه لا يصدق عليه ذلك الوصف، كما في صدق العدم و الامتناع. فإن بنى ذلك على
أنه لا تمايز في الإعدام.
أجيب: بأن التمايز العقلي ضروري، و هو كاف.
فإن قيل: ثبوت الشيء للشيء. فرع ثبوته في نفسه، فما لا يكون ثابتا
في نفسه لا يكون ثابتا لغيره.
قلنا: نعم بمعنى حصوله للشيء في الخارج كبياض الجسم، و أما بمنع
الحمل على الشيء، و الصدق عليه. كما في قولنا: زيد أعمى، و العنقاء لا موجود، و
اجتماع النقيضين ممتنع فلا، فإن الأوصاف الصادقة على الشيء بعضها ثبوتية، و بعضها
سلبية.