الأول:أنه جزء المتعين و هو موجود. قلنا[3]: الموجود معروض التعين[4]لا
المركب من المعروض و المعارض فإنه اعتباري[5].
فإن قيل: المتعين هو الشخص[6]كزيد مثلا، و لا خفاء في وجوده، و ليس مفهومه مجرد الانسان، بل مع
شيء آخر نسميه التعين، فيكون جزءا من زيد الموجود فيوجد.
فالجواب: أنه الإنسان المقيد بالعوارض المشخصة لا المجموع[7]،و لو سلم فذلك
الشيء[8]هو المشخصات من الكم و الكيف، و الأين[9]المخصوصة و نحو ذلك مما وجوده ضروري، و إنما الكلام في التشخص.
[4]أي ذات موصوفة بالتعيين فيكون التعين
وصفا لتلك الذات الموجودة و لا شك أن الوصف ليس جزءا للموصوف فلا يلزم من وجود
الموصوف وجود الوصف الذي هو قيد للموصوف و نعت له.
[5]اعتباري و إن كان جزءا للمركب
فاندفعت هذه الحجة.
[6]المتعين هو الشخص الخارجي الذي لا
يشك أحد في وجوده.
[7]من الإنسانية و الشيء الزائد الذي
هو تلك العوارض.
[8]الزائد على انسانية زيد إما أن يقول
الخصم انه شيء لم يتعين كونه موجودا فيبطل مدعاه، و إما أن يقول إنه شيء معين وجوده
حسا كوجود زيد حسا فلا شك أنه هو المشخصات من الكم الراجع إلى أجزائه الحسية أو
الكيف الذي هو لونه.
[9]الأين: احدى مقولات أرسطو أطلقه
الفلاسفة على المحل الذي ينسب إليه الجسم فقال ابن سينا:
الأين هو كون الجوهر في مكانه الذي يكون فيه ككون زيد في السوق (راجع
النجاة ص 128)، و قال الغزالي: من الأين ما هو أين بذاته، و منه ما هو مضاف فالذي
هو أين بذاته كقولنا: زيد في الدار أو في السوق. و ما هو أين بالإضافة فهو مثل فوق
و أسفل، و يمنة و يسرة و حول و وسط و ما بين (راجع معيار العلم ص 207).
و قال ابن رشد: و مثال ذلك أن الأين كما قيل هو نسبة الجسم إلى
المكان فالمكان مأخوذ في حده الجسم ضرورة، و ليس من ضرورة حد الجسم، أن يؤخذ في
حده المكان و لا هو من المضاف ..