و قال الإمام: و لو سئلنا بموجبتين هما في قوه النقيضين. كقولنا
الإنسان إما واحدا أو كثيرا، لم يلزمنا أن نجيب عنه[1]البتة، بخلاف ما إذا سئل بطرفي النقيض، لأن معنى السؤال
بالموجبتين. أنه إذا لم يتصف بهذا الموجب، اتصف بذاك، و الاتصاف لا يستلزم الاتحاد[2]،بل يستلزم
التغاير، و هذا ما قال في المواقف[3]: لو
سئلنا عن المعدولتين فقيل الإنسانية من حيث هي هي[4]أو لا لم يلزمنا الجواب. و لو قلنا لا هذا و لا ذاك. أي ليست من
حيث هي و لا بتقديم الحديثية[5]صح
لما مر، و لا يخفى ما في لفظ المعدولتين[6]من العدول[7]عن
الطريق. فإن قولنا هذا ليست من المعدولة في شيء.
كذا قولنا: هذا واحد أي لا كثير، و كثير أي لا واحد و بصير أي لا
أعمى، و أعمى أي لا بصير، لم يقل أحد بكونها معدولة، و في قوله: تتقابل بتقابلها
إشارة إلى جواب سؤال تقديره: إن الإنسانية التي في زيد إن كانت هي التي في عمرو
لزم أن يكون للشخص الواحد في آن واحد في مكانين، و موصوفا بوصفين متضادين، و إن
كانت غيرها لم تكن الماهية أمرا واحدا مشتركا بين الأفراد، و تقرير الجواب: أنها
عينها بحسب الحقيقة غيرها بحسب الهوية، و لا يمتنع كون الواحد لا بالشخص في أمكنة
متعددة، و متصفة بصفات متقابلة، بل يجب في طبيعة الأعم أن يكون كذلك.
[6]القضية المعدولة: هي التي موضوعها أو
محمولها اسم غير محصل كقولك اللاإنسان أبيض أو الإنسان لا أبيض. و القضية المعدولة
المطلقة في وصفها بالعدول هي التي محمولها كذلك، كقولك زيد هو غير بصير فقولنا زيد
هو غير بصير قضية موجبة معدولة.