أصلا، و إن كان مجهولا مطلقا، و الحكم بعدم صحة الحكم حكم فتناقض،
لأن بعض المجهول المطلق صح الحكم عليه، و قد يجاب بأن القضية مشروطة، أي لا يصح
الحكم عليه[1]ما دام مجهولا مطلقا، و هي لا تناقض المطلقة، و هو مدفوع بأدنى
تغير، و هو أن يقيد انتفاء الشرط بالدوام، أي ما يكون مجهولا مطلقا دائما لا يصح
الحكم عليه دائما، أو يعتبر إمكان التصور.
فيقال: لو كان الحكم على الشيء مشروطا بتصوره، لكان مشروطا بإمكان
تصوره ضرورة، فيلزم أن لا يمكن الحكم على ما لا يمكن تصوره أصلا، و الحكم بعدم
الإمكان حكم، و بالجملة فالشبهة مما يورد في[2]موارد كثيرة مثل قولنا: ضرب فعل ماض، و من حرف جر، و ليس باسم، و
ما لا يتصور أصلا، ليس بكلي إلى غير ذلك، فينبغي أن يكون الجواب حاسما للمادة، و
حاصله أن الموضوع في أمثال هذه القضايا متعدد. فالمجهول المطلق من حيث ذاته ممتنع[3]الحكم عليه، و من حيث كونه متصورا محكوم عليه، و ضرب من حيث ذاته
فعل، و من حيث كونه هذا اللفظ اسم و هكذا.
و قد يقال في بيان بطلان قولنا: لا شيء من المجهول مطلقا، يصح
الحكم عليه. أن كل مجهول مطلقا فهو شيء أو لا شيء و ممكن أو لا ممكن، و بالجملة
فإما (ب) أو ليس (ب). ضرورة امتناع ارتفاع النقيضين، و فيه منع ظاهر، و هو أنا لا
نسلم[4]صدق شيء من هذه القضايا، إنما يلزم ارتفاع النقيضين لو سلبا عن
شيء واحد، و هاهنا كما لا سلب لا إيجاب، لأن كلا منهما[5]حكم مشروط بتصور الموضوع فلذا بينه القوم بطريق الترديد على ما
ذكرنا.