معينة لا تكون لذاته و هو ظاهر، و لا لصفة أخرى و إلا تسلسل، بل
لمباين، و لا يجوز أن يكون موجبا لأن نسبته إلى الكل على السواء فيكون مختارا. و
فعل المختار حادث فيلزم كون المعدوم موردا للصفات المتزايلة و هو باطل بالاتفاق[1]،فتعين أن يكون
ذلك حالة الوجود.
و الجواب:أنه يجوز أن يكون لذاته المخصوصة، فظهر أن مبنى كلام الطرفين على
عدم التفرقة بين العارض الذي هو الذات المطلقة، و المعروض الذي هو الذات المخصوصة،
و منها اختلافهم في أن التميز هل يغاير الجوهرية؟
فالجمهور:على أن الجوهرية صفة تابعة للجوهر حالتي الوجود و العدم، و التميز
و هو اقتضاء الجوهر حيزا ما، صفة تابعة ثابتة للجوهر الموجود أي صادرة عن الجوهر
بشرط الحدوث و يسمونه الكون. و حصول الجوهر في الحيز المعين و يسمونه الكائنية
معلل بالتحيز بمعنى الكون، و ذهب الشحام و البصري[2]و ابن عياش[3]إلى
أن الجوهرية نفس التحيز، إذ لا معنى للجوهرية إلا المتحيز بالذات، و منها اختلافهم
في أن المعدومية هل هي صفة ثابتة[4]للمعدومات
حالة العدم، فأثبته أبو عبد اللّه البصري[5]،و نفاه غيره
لأنها لافتقارها إلى الذات ممكن، فإن كان علتها الذات، أو الفاعل الموجب من غير
توسط[6]الاختيار أصلا لزم دوامها، فلا توجد الذات، و إن كان هي الفاعل
بالاختيار ابتداء أو انتهاء لزم حدوثها و هو محال، و منها اختلافهم في أن
[2]البصري هو أبو علي محمد بن خلاد
البصري من أصحاب أبي هاشم خرج إليه إلى العسكر و أخذ عنه و كان مقدما من أصحابه، و
له من الكتب كتاب الأصول، و ممن أخذ عن أبي هاشم، و لا كتاب له يعرف.