و الوجود و إن فرضنا كونه موجودا بمعنى العروضية للوجود فلا يتصور أن
يمانعه شيء من الموجودات، و عند الخاص لما شارك شيئا آخر في الموضوع مع امتناع
اجتماعهما فيه، و الموضوع هو المحل المستغني في قوامه عن الحال، و لا يتصور ذلك
للوجود إذ لا تقوم لشيء بدونه، و لو سلم فلا يتصور وجودي يعاقبه[1]و لا يجامعه[2]و
منها قولهم: الوجود ليس له جنس و لا فصل، لأنه بسيط لا جزء له عينا و لا ذهنا، و
إلا لزم تقدمه على نفسه ضرورة تقدم وجود الجزء على وجود الكل في الخارج، إن كان
التركب خارجيا، و في الذهن إن كان ذهنيا، و لأن جزءه و إن كان وجودا موجودا لزم
تقدم الشيء على نفسه، و إن كان عدما أو معدوما لزم تقدم الشيء بنقيضه، و لأن
الجنس يجب أن يكون أعم[3]و
لا أعم من الوجود إذ ما من شيء إلا و له وجود، و في بعض المقدمات ضعف لا يخفى، و
لو سلم فغاية الأمر اتصاف كل من الوجود الواجب بهذه المعاني، و لا إنتاج عن
الموجبتين في الشكل الثاني. و تحقيقه أن لزوم هذه الأمور للوجود لا يوجب كونه
الواجب ما لم تتبين مساواتها للملزوم. ثم القول بكون الواجب هو الوجود المطلق
ينافي تصريحهم بأمور منها: أن الوجود المطلق من المحمولات العقلية، أي الأمور التي
يمتنع استغناؤها عن المحل عقلا و يمتنع حصولها فيه بحسب الخارج كالإمكان و الماهية
بخلاف مثل الإنسان فإنه[4]مستغن
عن المحل، و مثل البياض فإن قيامه بالمحل[5]خارجي و منها أنه من المعقولات الثانية أي العوارض التي تلحق
المعقولات الأولى، من حيث لا يحاذي بها أمر
[1]عقب: عاقبة كل شيء آخره. و العاقب
من يخلف السيد. و في الحديث «أناالسيد و العاقب» يعني آخر الأنبياء عليهم الصلاة و السلام. و العقب
بكسر القاف مؤخر القدم. و جئت في عقبه: إذا جئت و قد بقيت منه بقية.
[2]جمع الشيء المتفرق فاجتمع و بابه:
قطع، و أجمع الأمر إذا عزم عليه و يقال اجمع أمرك و لا تجعله منتشرا. قال اللّه
تعالى:فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَ شُرَكاءَكُمْو جماع الشيء
بالكسر: جمعه.
و جامعه على أمر كذا: اجتمع معه.
[3]العامة: ضد الخاصة. و عم الشيء يعم
بالضم (عموما) أي شمل الجماعة يقال: عمهم بالعطية.