فهل نرى أن القرآن كان أحد العوامل الأساسية في نشأة علم الكلام؟
إن بعض العلماء يقرر ذلك، و يضيف إليه، أن أحاديث الرسول صلّى اللّه
عليه و سلم كانت عاملا مساعدا في إيجاد علم الكلام. من ذلك أن الإمام البغوي ذكر
حديثا من الصحاح بسنده عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه قال:
«جاءناس من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إلى النبي فسألوه.
إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به.
قال: أوجدتموه؟
قالوا: نعم.
قال: ذاك صريح الإيمان، و قال: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق
كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك فإذا بلغه، فليستعذ باللّه و لينته.
و قال: «لايزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا اللّه خلق الخلق فمن خلق اللّه؟
فمن وجد مثل ذلك شيئا فليقل: آمنت باللّه و رسوله»[1].
و أيضا حديث الفرق من العوامل الأساسية التي ساعدت على الاشتغال بعلم
الكلام. روي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
سلم «ليأتينعلى أمتي كما أتى على بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، حتى إن كان
منهم من أتى أمه علانية، لكان في أمتي من يصنع ذلك. و إن بني إسرائيل تفرقت على
ثنتين و سبعين ملة، و تفرقت أمتي على ثلاث و سبعين ملة، كلهم في النار، إلا ملة
واحدة».