نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 1 صفحه : 88
و
أيضا: فإنّه لو جاز وقوع جميع العلوم الضّرورية نظريّة؛ فكل ما هو جائز أن يكون؛ لا
يلزم من فرض وقوعه المحال. فلنفرض وقوع جميع العلوم الضّروريّة نظريّة. و لو كان كذلك؛
لاستحال وقوع شيء من العلوم النّظرية؛ لأنّ العلم النّظرى لا بدّ و أن ينتهى إلى العلم
الضّرورى و إلا لتسلسل الأمر إلى غير النّهاية؛ و هو ممتنع.
و
أيضا: فإنه إذا جاز وقوع جميع العلوم الضّرورية نظريّة، لجاز وقوع العلوم الضّرورية
التى هى شرط كمال العقل في النّظر نظرية. [1] و إذا كانت نظريّة [1]؛ فتكون متوقفة
على النّظر، و النّظر متوقّف على كمال العقل، الّذي لا يتمّ النّظر إلا به. و كمال
العقل الّذي لا يتمّ النّظر إلّا به، متوقّف على تلك العلوم الضرورية؛ فيكون دورا.
و
أيضا: فإنّه لو جاز وقوع جميع العلوم الضّروريّة نظريّة؛ [2] فالنّظر- على ما يأتى-
مضادّ [2] وقوع المنظور فيه. ففى حالة النّظر لا يكون عالما بها. و ذلك يجرّ إلى تجويز
أن يكون العاقل حالة النّظر [غير] [3] عالم باستحالة اجتماع الضّدين، و أن لا واسطة
بين النّفى و الإثبات، و أنّ الواحد أقلّ من الاثنين، و أنّ الجسم في آن واحد لا يكون
في مكانين.
و
لا يخفى ما في ذلك من الإحالة، و اتّجاه قول منكرى البديهيّات.
فإن
قيل: هذا و إن دل على امتناع وقوع الضّروريات نظرية؛ فما المانع من وقوعها كسبية مقدورة
للعبد، و إن لم تفتقر إلى نظر و استدلال؟ كما قال الأستاذ أبو إسحاق في بعض مذاهبه.
فنقول:
لو وقعت كسبية مقدورة للعبد، لصحّ الإضراب عنها؛ لكونها مقدورة؛ فإنّه لا معنى للمقدور
إلا ما يصحّ فعله/ و تركه و إلا كان [4] مضطرا إليه و ملجأ؛ فلا يكون مقدورا. و لا
يخفى أن إضراب العاقل عن العلوم البديهية محال.
كيف
و أنّ هذا ممّا لا يطّرد في العقل عنده؛ إذ هو من العلوم الضروريّة. فلو جاز وقوعه
مقدورا؛ لصحّ الإضراب عنه. و إضراب العاقل عن عقله محال. ثم إنّ حصول العلم مقدورا؛
يستدعى حصول العقل. و حصول العقل إذا كان من العلوم المقدورة، فحصوله مقدورا؛ يتوقّف
على حصوله في نفسه. و حصوله في نفسه؛ يتوقّف على كونه مقدورا؛ و هو دور ممتنع.
[1]
ساقط من ب. [2]
في. ب (و النظر على ما يأتى يضاد) انظر ل 18/ ب. [3]
في أ (غيره). [4]
في ب (و لما كان).
نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 1 صفحه : 88